@ 122 @ سعيد بن أبي عروبة : ضلالكم . وقال العتبي : ما ضركم . وقال ابن الأنباري : ما أهلككم . وقيل : ما عمكم . والأولى أن يضمر في عليكم أي : على هداكم وإيمانكم كقوله : ك { إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ } وقوله : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } . وقيل : حريص على إيصال الخيرات لكم في الدنيا والآخرة . وقال الفراء : الحريص هو الشحيح ، والمعنى : أنه شحيح عليكم أن تدخلوا النار . وقيل : حريص على دخولكم الجنة . وإنما احتيج إلى الإضمار ، لأنّ الحرص لا يتعلق بالذوات . ويحتمل بالمؤمنين أن يتعلق برؤوف ، ويحتمل أن يتعلق برحيم ، فيكون من باب التنازع . وفي جواز تقدم معمول المتنازعين نظر ، فالأكثرون لا يذكرون فيه تقدمة عليهما ، وأجاز بعض النحويين التقديم فتقول : زيداً ضربت وشتمت على التنازع ، والظاهر تعلق الصفتين بجميع المؤمنين . وقال قوم : بالتوزيع ، رؤوف بالمطيعين ، رحيم بالمذنبين . وقيل : رؤوف بمن رآه ، رحيم بمن لم يره . وقيل : رؤوف بأقربائه ، رحيم بغيرهم . وقال الحسن بن الفضل : لم يجمع الله لنبي بين اسمين من أسمائه إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم ) ، فإنه قال : بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ * لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } . .
{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِىَ اللَّهُ لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } : أي فإنْ أعرضوا عن الإيمان بعد هذه الحالة التي منّ الله عليهم بها من إرسالك إليهم واتصافك بهذه الأوصاف الجميلة فقل : حسبي الله أي : كافيّ من كل شيء ، عليه توكلت أي : فوضت أمري إليه لا إلى غيره ، وقد كفاه الله شرهم ونصره عليهم ، إذ لا إله غيره . وهي آية مباركة لأنها من آخر ما نزل ، وخص العرش بالذكر لأنه أعظم المخلوقات . وقال ابن عباس : العرش لا يقدر أحد قدره انتهى . وذكر في معرض شرح قدرة الله وعظمته ، وكان الكفار يسمعون حديث وجود العرش وعظمته من اليهود والنصارى ، ولا يبعد أنهم كانوا سمعوا ذلك من أسلافهم . وقرأ ابن محيصن : العظيم برفع الميم صفة للرب ، ورويت عن ابن كثير . قال أبو بكر الأصم : وهذه القراءة أعجب إليّ ، لأنّ جعل العظيم صفة لله تعالى أولى من جعله صفة للعرش ، وعظم العرش يكبر جثته واتساع جوانبه على ما ذكر في الأخبار ، وعظم الرب بتقديسه عن الحجمية والأجزاء والإبعاض ، وبكمال العلم والقدرة ، وتنزيهه عن أن يتمثل في الأوهام ، أو تصل إليه الأفهام . وعن ابن عباس : آخر ما نزل لقد جاءكم إلى آخرها . وعن أبيّ أقرب القرآن عهداً بالله لقد جاءكم الآيتان ، وهاتان الآيتان لم توجدا حين جمع المصحف إلا في حفظ خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، فلما جاء بها تذكرها كثير من الصحابة ، وقد كان زيد يعرفها ، ولذلك قال : فقدت آيتين من آخر سورة التوبة ، ولو لم يعرفها لم ندر هل فقد شيئاً أولاً ، فإنما ثبتت الآية بالإجماع لا بخزيمة وحده . وقال عمر بن الخطاب : ما فرغ من تنزل براءة حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا سينزل فيه شيء . وفي كتاب أبي داود عن أبي الدرداء قال : من قال : ( إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله تعالى ما أهمه ) . .