@ 121 @ وقال : { أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ } وقال في زناة المؤمنين : { ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر { . قال ابن عطية : وقوله من أنفسكم ، يقتضي مدحاً لنسب النبي صلى الله عليه وسلم ) وأنه من صميم العرب وأشرفها ، وينظر إلى هذا المعنى قوله عليه السلام : { إن الله اصطفى كناية من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى بني هاشم من قريش ، واصطفاني من بني هاشم } ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ) : ( إني من نكاح ولست من سفاح ) معناه أن نسبه صلى الله عليه وسلم ) إلى آدم عليه السلام لم يكن النسل فيه إلا من نكاح ولم يكن فيه زنا انتهى . وصف الله نبيه عليه السلام بستة : أوصاف الرسالة وهي صفة كمال الإنسان لما احتوت عليه من كمال ذات الرسول وطهارة نفسه الزكية ، وكونه من الخيار بحيث أهل أنْ يكون واسطة بين الله وبين خلقه ، ولما كانت هذه الصفة أشرف بدىء بذكرها . وكونه من أنفسهم وهي صفة مؤثرة في التبليغ والفهم عنه والتآنس به ، فإن كان خطاباً للعرب ففي هذه الصفة التنبيه على شرفهم والتحريض على اتباعه ، وإن كان الخطاب لبني آدم ففيه التنويه بهم واللطف في إيصال الخبر إليهم ، وأنه معروف بينهم بالصدق والأمانة والعفاف والصيانة . وكونه يعز عليه ما يشق عليكم ، فهذا الوصف من نتائج الرسالة . ومن كونه من أنفسهم ، لأنّ من كان منك وادّلك الخير وصعب عليه إيصال ما يؤذي إليك وكونه حريصاً على هدايتهم ، وهو أيضاً من نتائج الرسالة ، لأنه بعث ليعبد الله ويفرد بالألوهية . وكونه رؤوفاً رحيماً بالمؤمنين ، وهما وصفان من نتائج التبعية له ، والدخول في دين الله . { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } { الْمُؤْمِنُ } . .
وقرأ ابن عباس ، وأبو العالية ، والضحاك ، وابن محيصن ، ومحبوب ، عن أبي عمرو وعبد الله بن قسيط المكي ، ويعقوب من بعض طرقه : من أنفسكم بفتح الفاء . ورويت هذه القراءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وعن فاطمة ، وعائشة رضي الله عنهما ، والمعنى : من أشرفكم وأعزكم ، وذلك من النفاسة ، وهو راجع لمعنى النفس ، فإنها أعز الأشياء . والظاهر أنّ ما مصدرية في موضع الفاعل بعزيز أي : يعز عليه مشقتكم كما قال : % ( يسر المرء ما ذهب الليالي % .
وكان ذهابهن له ذهابا .
) % .
أي يسر المرء ذهاب الليالي . ويجوز أن يكون ما عنتم مبتدأ أي : عنتكم عزيز عليه ، وقدم خبره ، والأول أعرب . وأجاز الحوفي أن يكون عزيز مبتدأ ، وما عنتم الخبر ، وأن تكون ما بمعنى لذي ، وأن تكون مصدرية ، وهو إعراب دوب الإعرابين السابقين . وقال ابن القشيري : عزيز صفة للنبي صلى الله عليه وسلم ) ، وإنما وصف بالعزة لتوسطه في قومه وعراقة نسبه وطيب جرثومته ، ثم استأنف فقال : عليه ما عنتم أي : يهمه أمركم انتهى . والعنت : تقدم شرحه في البقرة في قوله { خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ } . وقال ابن عباس : هنا مشقتكم . وقال الضحاك : إثمكم . وقال