@ 57 @ .
وقال أبو حاتم : قراءة أبي متدخلاً بالتاء . وقرأ الأشهب العقيلي : لوالوا إليه لتابعوا إليه وسارعوا . وروي ابن أبي عبيدة بن معاوية بن نوفل ، عن أبيه ، عن جده وكانت له صحبة أنه قرأ لوالوا إليه من الموالاة ، وأنكرها سعيد بن مسلم وقال : أظنها لو ألوا بمعنى للجأوا . وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي : وهذا مما جاء فيه فاعل وفعل بمعنى واحد ، ومثله ضاعف وضعف انتهى . وقال الزمخشر : وقرأ أبي بن كعب متدخلاً لوالوا إليه لا لتجأوا إليه انتهى . وعن أبيّ لولوا وجوههم إليه . ولما كان العطف بأو عاد الضمير إليه مفرداً على قاعدة النحو في أو ، فاحتمل من حيث الصناعة أن يعود على الملجأ ، أو على المدخل ، فلا يحتمل على أن يعود في الظاهر على المغارات لتذكيره ، وأما بالتأويل فيجوز أن يعود عليها . وهم يجمحون يسرعون إسراعاً لا يردهم شيء . وقرأ أنس بن مالك والأعمش : وهم يجمزون . قيل : يجمحون ، ويجمزون ، ويشتدون واحد . وقال ابن عطية : يجمزون يهرولون ، ومنه قولهم في حديث الرجم : فلما إذ لقته الحجارة جمز . .
{ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } : اللامز حرقوص بن زهير التميمي ، وهو ابن ذي الخويصرة رأس الخوارج ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم ) يقسم غنائم حنين فقال : إعدل يا رسول الله الحديث . وقيل : هو ابن الجواظ المنافق قال : ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم . وقيل : ثعلبة بن حاطب كان يقول : إنما يعطى محمد قريشاً . وقيل : رجل من الأنصار أتى الرسول بصدقة يقسمها ، فقال : ما هذا بالعدل ؟ وهذه نزغة منافق . .
والمعنى : من يعيبك في قسم الصدقات . وضمير ومنهم للمنافقين ، والكاف للرسول . وهذا الترديدين الشرطين يدل على دناءة طباعهم ونجاسة أخلاقهم ، وإن لمزهم الرسول إنما هو لشرههم في تحصيل الدنيا ومحبة المال ، وأنّ رضاهم وسخطهم إنما متعلة العطاء . والظاهر حصول مطلق الإعطاء أو نفيه . وقيل : التقدير فإن أعطوا منها كثيراً يرضوا ، وإن لم يعطوا منها كثيراً بل قليلاً ، وما أحسن مجيء جواب هذين الشرطين ، لأنّ الأول لا يلزم أن يقارنه ولا أن يعتقبه ، بل قد يجوز أن يتأخر نحو : إن أسلمت دخلت الجنة ، فإنما يقتضي مطلق الترتب . وأما جواب الشرط الثاني فجاء إذا الفجائية ، وأنه إذا لم يعطوا فاجأ سخطهم ، ولم يمكن تأخره لما جبلوا عليه من محبة الدنيا والشره في تحصيلها . ومفعول رضوا محذوف أي : رضوا ما أعطوه . وليس المعنى رضوا عن الرسول لأنهم منافقون ، ولأنّ رضاهم وسخطهم لم يكن لأجل الدين ، بل للدنيا . وقرأ الجمهور : يلمزك بكسر الميم . وقرأ يعقوب وحماد بن سلمة عن ابن كثير والحسن وأبو رجاء وغيرهم : بضمها ، وهي قراءة المكيين ، ورويت عن أبي عمرو . وقرأ الأعمش : يلمزك . وروى أيضاً حماد بن سلمة عن ابن كثير : يلامزك ، وهي مفاعلة من واحد . وقيل : وفرق الرسول صلى الله عليه وسلم ) قسم أهل مكة في الغنائم استعطافاً لقلوبهم ، فضج المنافقون . .
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا ءاتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ } : } هذا وصف لحال المستقيمين في دينهم ، أي رضوا قسمة الله ورسوله وقالوا : كفانا فضل الله ، وعلقوا آمالهم بما سيؤتيه الله إياهم ، وكانت رغبتهم إلى الله لا إلى غيره . وجواب لو محذوف تقديره : لكان خيراً لهم في دينهم ودنياهم . وكان ذلك الفعل دليلاً على انتقالهم من النفاق إلى محض الإيمان ، لأنّ ذلك تضمن الرضا بقسم الله ، والإقرار بالله وبالرسول إذ كانوا يقولون : سيؤتينا الله من فضله ورسوله . وقيل : جواب لو هو قوله : وقالوا على زيادة الواو ، وهو قول كوفي . قال الزمخشري : والمعنى : ولو أنهم رضوا ما