@ 52 @ وقت هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ورجوعهم عنه في أحد وغيرها . وتقليب الأمور : هو تدبيرها ظهر البطن ، والنظر في نواحيها وأقسامها ، والسعي بكل حيلة . وقيل : طلب المكيدة من قولهم : هو حول قلب . وقرأ مسلمة بن محارب : وقلبوا بتخفيف اللام . حتى جاء الحق أي : القرآن وشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم ) . ولفظة جاء مشعرة بأنه كان قد ذهب . وظهر أمر الله وصفه بالظهور لأنه كان كالمستور أي : غلب وعلا دين الله . وهم كارهون لمجيء الحق وظهور دين الله . وفي ذلك تنبيه على أنه لا تأثير لمكرهم وكيدهم ، ومبالغتهم في إثارة الشر فإنهم مذ راموا ذلك رده الله في نحرهم ، وقلب مرادهم ، وأتى بضد مقصودهم ، فكما كان ذلك في الماضي كذا يكون في المستقبل . .
{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائْذَن لّي وَلاَ تَفْتِنّى أَلا فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } : نزلت في الجد بن قيس ، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لما أمر بالغزو إلى بلاد الروم حرض الناس فقال للجد بن قيس : ( هل لك العام في جلاد بني الأصفر ) وقال له وللناس : ( اغزوا تغنموا بنات الأصفر ) . فقال الجد : ائذن لي في التخلف ولا تفتني بذكربنات الأصفر ، فقد علم قومي أني لا أتمالك عن النساء إذا رأيتهم وتفتنني ، ولا تفتني بالنساء . هو قول ابن عباس ومجاهد وابن زيد . وقيل : ولا تفتني أي ولا تصعب عليّ حتى احتاج إلى مواقعة معصيتك فسهِّل عليّ ، ودعني غير مختلج . وقال قريباً منه الحسن وقتادة والزجاج قالوا : لا تكسبني الإثم بأمرك إياي بالخروج وهو غير متيسر لي ، فآثم بمخالفتك . وقال الضحاك : لا تكفرني بإلزامك الخروج معك . وقال ابن بحر : لا تصرفني عن شغلي معك هلك مالي وعيالي . وقيل : إنه قال : ولكنْ أعينك بمالي . ومتعلق الإذن محذوف تقديره : في القعود وفي مجاورته الرسول صلى الله عليه وسلم ) على نفاقه . وقرأ ورش : بتخفيف همزة إئذن لي بإبدالها واواً لضمة ما قبلها . وقال النحاس ما معناه : إذا دخلت الواو أو الفاء على أأئذن ، فهجاؤها في الخط ألف وذال ونون بغير ياء ، أو ثم فالهجاء ألف وياء وذال ونون ، والفرق أنَّ ثم يوقف عليها وتنفصل بخلافهما . وقرأ عيسى بن عمرو : لا تفتني بضم التاء الأولى من أفتن . قال أبو حاتم هي لغة تميم ، وهي أيضاً قراءة ابن السميقع ، ونسبها ابن مجاهد إلى إسماعيل المكي . وجمع الشاعر بين اللغتين فقال : % ( لئن فتنتني فهي بالأمس أفتنت % .
سعيداً فأمسى قد قلا كل مسلم .
) % .
والفتنة التي سقطوا فيها هي فتنة التخلف ، وظهور كفرهم ، ونفاقهم . ولفظة سقطوا تنبىء عن تمكن وقوعهم فيها . وقال قتادة : الإثم بخلافهم الرسول في أمره ، وإحاطة جهنم بهم إما يوم القيامة ، أو الآن على سبيل المجاز . لأنّ أسباب الإحاطة معهم فكأنهم في وسطها ، أو لأنّ مصيرهم إليها . .
{ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } : قال ابن عباس : الحسنة في يوم بدر ، والمصيبة يوم أحد . وينبغي أن يحمل قوله على التمثيل ، واللفظ عام في كل محبوب ومكروه ، وسياق الحمل يقتضي أن يكون ذلك في الغزو ، ولذلك قالوا : الحسنة الظفر والغنيمة ، والمصيبة الخيبة والهزيمة ، مثل ما جرى في أول غزوة أحد . ومعنى أمرنا الذي نحن متسمون به من الحذر والتيقظ والعمل بالحزم في التخلف عن الغزو ، من قبل ما وقع من المصيبة . ويحتمل أن يكون التولي حقيقة أي : ويتولوا عن مقام التحديث بذلك ، والاجتماع له إلى أهليهم وهم مسرورون . وقيل : أعرضوا عن الإيمان . وقيل :