@ 45 @ غيره . وجواب الشرط محذوف تفسيره : فسينصره ، ويدل عليه فقد نصره الله أي : ينصره في المستقبل كما نصره في الماضي . وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف يكون قوله تعالى : فقد نصره الله جواباً للشرط ؟ ( قلت ) : فيه وجهان : أحدهما : فسينصره ، وذكر معنى ما قدمناه . والثاني : أنه تعالى أوجب له النصرة وجعله منصوراً في ذلك الوقت فلم يخذل من بعده انتهى . وهذا لا يظهر منه جواب الشرط ، لأنّ إيجاب النصرة له أمر سبق ، والماضي لا يترتب على المستقبل ، فالذي يظهر الوجه الأول . ومعنى إخراج الذين كفروا إياه : فعلهم به ما يؤدي إلى الخروج ، والإشارة إلى خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من مكة إلى المدينة . ونسب الإخراج إليهم مجازاً ، كما نسب في قوله : { الَّتِى أَخْرَجَتْكَ } وقصة خروج الرسول صلى الله عليه وسلم ) وأبي بكر مذكورة في السير . وانتصب ثاني اثنين على الحال أي : أحد اثنين وهما : رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وأبو بكر رضي الله عنه . .
وروي أنه لما أمر بالخروج قال لجبريل عليه السلام : ( من يخرج معي ؟ ) قال : أبو بكر . وقال الليث : ما صحب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مثل أبي بكر . وقال سفيان بن عيينة : خرج أبو بكر بهذه الآية من المعاتبة التي في قوله : ألا تنصروه . قال ابن عطية : بل خرج منها كل من شاهد غزوة تبوك ، وإنما المعاتبة لمن تخلف فقط ، وهذه الآية منوهة بقدر أبي بكر وتقدمه وسابقته في الإسلام . وفي هذه الآية ترغيبهم في الجهاد ونصرة دين الله ، إذ بين فيها أنّ الله ينصره كما نصره ، إذ كان في الغار وليس معه فيه أحد سوى أبي بكر . وقرأت فرقة : ثاني اثنين بسكون ياء ثاني . قال ابن جني : حكاها أبو عمرو ، ووجهه أنه سكن الياء تشبيهاً لها بالألف . والغار : نقب في أعلى ثور ، وهو جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة ، مكث فيه ثلاثاً . هذ هما : بدل . وإذ يقول : بدل ثان . وقال العلماء : من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر لإنكاره كلام الله تعالى ، وليس ذلك لسائر الصاحبة . وكان سبب حزن أبي بكر خوفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فنهاه الرسول تسكيناً لقلبه ، وأخبره بقوله : إن الله معنا ، يعني : بالمعونة والنصر . وقال أبو بكر : يا رسول الله إنْ قتلتُ فأنا رجل واحد ، وإنْ قتلْتَ هلكت الأمة وذهب دين الله ، فقال صلى الله عليه وسلم ) : ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ ) وقال أبو بكر رضي الله عنه : % ( قال النبي ولم يجزع يوقرني % .
ونحن في سدف من ظلمة الغار .
) % % ( لا تخش شيئاً فإن الله ثالثنا % .
وقد تكفل لي منه بإظهار .
) % % ( وإنما كيد من تخشى بوارده % .
كيد الشياطين قد كادت لكفار .
) % % ( والله مهلكهم طراً بما صنعوا % .
وجاعل المنتهى منهم إلى النار .
) % .
{ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ } قال ابن عباس : السكينة الرحمة . وقال قتادة في آخرين : الوقار . وقال ابن قتيبة : الطمأنينة . وهذه الأقوال متقاربة . والضمير في عليه عائد على صاحبه ، قاله حبيب بن أبي ثابت ، أو على الرسول قاله الجمهور ، أو عليهما . وأفرده لتلازمهما ، ويؤيده أنّ في مصحف حفصة : فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما . والجنود : الملائكة يوم بدر ، والأحزاب