@ 44 @ المضارع أي : ما لكم تتثاقلون ، وموضعه نصب . أي : أيُّ شيء لكم في التثاقل ، أو في موضع جر على مذهب الخليل انتهى . وهذا ليس بجيد ، لأنه يلزم منه حذف أنْ ، لأنه لا ينسبك مصدر إلا من حرف مصدري والفعل ، وحذف أنْ في نحو هذا قليل جداً أو ضرورة . وإذا كان التقدير في التثاقل فلا يمكن عمله في إذا ، لأن معمول المصدر الموصول لا يتقدم عليه فيكون الناصب لإذا ، والمتعلق به في التثاقل ما هو معلوم لكم الواقع خبراً لما . وقرىء : اثاقلتم على الاستفهام الذي معناه الإنكار والتوبيخ ، ولا يمكن أن يعمل في إذ ما بعد حرف الاستفهام . فقال الزمخشري : يعمل فيه ما دل عليه ، أو ما في ما لكم من معنى الفعل ، كأنه قال : ما تصنعون إذا قيل لكم ، كما تعمله في الحال إذا قلت : ما لك قائماً . والأظهر أن يكون التقدير : ما لكم تتثاقلون إذا قيل لكم انفروا ، وحذف لدلالة اثاقلتم عليه . ومعنى اثاقلتم إلى الأرض : ملتم إلى شهوات الدنيا حين أخرجت الأرض ثمارها قاله مجاهد وكرهتم مشاق السفر . وقيل ملتم إلى الإقامة بأرضكم قاله : الزجاج . ولما ضمن معنى الميل والإخلاد عدى بإلى . وفي قوله : أرضيتم ، نوع من الإنكار والتعجب أي : أرضيتم بالنعيم العاجل في الدنيا الزائل بدل النعيم الباقي . ومِن تظافرت أقوال المفسرين على أنها بمعنى بدل أي : بدل الآخرة كقوله : { لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلَئِكَةً } أي بدلاً ، ومنه قول الشاعر : % ( فليت لنا من ماء زمزم شربة % .
مبردة باتت على طهيان .
) % .
أي بدلاً من ماء زمزم ، والطهيان عود ينصب في ناحية الدار للهواء تعلق فيه أوعية الماء حتى تبرد . وأصحابنا لا يثبتون أن تكون هنُّ للبدل . ويتعلق في الآخرة بمحذوف التقدير : فما متاع الحياة الدنيا محسوباً في نعيم الآخرة . وقال الحوفي : في الآخر متعلق بقليل ، وقليل خبر الابتداء . وصلح أن يعمل في الظرف مقدماً ، لأنّ رائحة الفعل تعمل في الظرف . ولو قلت : ما زيد عمراً إلا يضرب ، لم يجز . .
{ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } : هذا سخط على المتثاقلين عظيم ، حيث أوعدهم بعذاب أليم مطلق يتناول عذاب الدارين ، وأنه يهلكهم ويستبدل قوماً آخرين خيراً منهم وأطوع ، وأنه غني عنهم في نصرة دينه ، لا يقدح تثاقلهم فيها شيئاً . وقيل : يعذبكم بإمساك المطر عنكم . وروي عن ابن عباس أنه قال : استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قبيلة فقعدت ، فأمسك الله عنها المطر وعذبها بها به . والمستبدل الموعود بهم ، قال : جماعة أهل اليمن . وقال ابن جبير : أبناء فارس . وقال ابن عباس : هم التابعون ، والظاهر مستغن عن التخصيص . وقال الأصم : معناه أنه تعالى يخرج رسوله من بين أظهرهم إلى المدينة . قال القاضي : وهذا ضعيف ، لأنّ اللفظ لا دلالة فيه على أنه ينتقل من المدينة إلى غيرها ، ولا يمتنع أن يظهر في المدينة أقواماً يعينونه على الغزو ، ولا يمتنع أن يعينه بأقوام من الملائكة أيضاً حال كونه هناك . والضمير في : ولا تضروه شيئاً ، عائد على الله تعالى أي : ولا تضروا دينه شيئاً . وقيل : على الرسول ، لأنه تعالى قد عصمه ووعده بالنصر ، ووعده كائن لا محالة . ولما رتب على انتفاء نفرهم التعذيب والاستبدال وانتفاء الضرر ، أخبر تعالى أنه على كل شيء تتعلق إرادته به قدير من التعذيب والتغيير وغير ذلك . .
{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ } : ألا تنصروه فيه انتفاء النصر بأيّ طريق كان من نفر أو