@ 309 @ النون من كلا حذفت للأمر . .
{ مِنْهَا } : الضمير عائد على الجنة ، والمعنى على حذف مضاف ، أي من مطاعمها ، من ثمارها وغيرها ، ودل ذلك على إباحة الأكل لهما من الجنة على سبيل التوسعة ، إذ لم يحظر عليهما أكل ما ، إذ قال : { رَغَدًا } ، والجمهور على فتح الغين . وقرأ إبراهيم النخعي ويحيى بن وثاب : بسكونها ، وقد تقدم أنهما لغتان ، وانتصاب رغداً ، قالوا : على أنه نعت لمصدر محذوف تقديره أكلا رغداً . وقال ابن كيسان : هو مصدر في موضع الحال ، وفي كلا الإعرابين نظر . أما الأول : فإن مذهب سيبويه يخالفه ، لأنها لا يرى ذلك ، وما جاء من هذا النوع جعله منصوباً على الحال من الضمير العائد على المصدر الدال عليه الفعل . وأما الثاني : فإنه مقصور على السماع ، قال الزجاج : الرغد الكثير الذي لا يعنيك ، وقال مقاتل : الواسع ، وقال مجاهد : الذي لا يحاسب عليه ، وقيل : السالم من الإنكار الهني ، يقال : رغد عيش القوم ، ورغد ، بكسر الغين وضمها ، إذا كانوا في رزق واسع كثير ، وأرغد القوم : أخصبوا وصاروا في رغد من العيش . وقالوا عيشة رغد بالسكون أيضاً . .
{ حَيْثُ شِئْتُمَا } : أباح لهما الأكل حيث شاءا فلم يحظر عليهما مكاناً من أماكن الجنة ، كما لم يحظر عليهما مأكولاً إلا ما وقع النهي عنه . وشاء في وزنه خلاف ، فنقل عن سيبويه : أن وزنه فعل بكسر العين فنقلت حركتها إلى الشين فسكنت ، واللام ساكنة للضمير ، فالتقى ساكنان ، فحذفت لالتقاء الساكنين ، وكسرت الشين لتدل على أن المحذوف هو ياء ، كما صنعت في بعت . .
{ وَلاَ تَقْرَبَا } : نهاهما عن القربان ، وهو أبلغ من أن يقع النهي عن الأكل ، لأنه إذا نهى عن القربان ، فكيف يكون الأكل منها ؟ والمعنى : لا تقرباها بالأكل ، لا أن الإباحة وقعت في الأكل . وحكى بعض من عاصرناه عن ابن العربي ، يعني القاضي أبا بكر ، قال : سمعت الشاشي في مجلس النضر بن شميل يقول : إذ قلت : لا تقرب ، بفتح الراء معناه : لا تلبس بالفعل ، وإذا كان بضم الراء كان معناه لا تدن ، وقد تقدم أن معنى : لا تقرب زيد : ألا تدن منه . وفي هذه الحكاية عن ابن العربي من التخليط ما يتعجب من حاكيها ، وهو قوله : سمعت الشاشي في مجلس النضر بن شميل ، وبين النضر والشاشي من السنين مئون ، إلا إن كان ثم مكان معروف بمجلس النضر بن شميل فيمكن . وقرىء : ولا تقربا بكسر التاء ، وهي لغة عن الحجازيين في فعل يفعل ، يكسرون حرف المضارعة التاء والهمزة والنون ، وأكثرهم لا يكسر الياء ، ومنهم من يكسرها ، فإن كان من باب : يوحل ، وكاسر ، وفاتح ، مع إقرار الواو وقلبها ألفاً . { هَاذِهِ } : إشارة للحاضر الغريب من المخاطب . وقرأ ابن محيصن : هذي بالياء . وقرأ الجمهور بالهاء . .
{ الشَّجَرَةِ } : نعت لإسم الإشارة ، ويحتمل الإشارة أن تكون إلى جنس من الشجر معلوم ، ويحتمل أن تكون إلى شجرة واحدة من الجنس المعلوم ، وهذا أظهر ، لأن الإشارة لشخص ما يشار إليه . قال ابن مسعود وابن عباس وابن جبير وجعدة بن هبيرة : هي الكرم ، ولذلك حرمت علينا الخمر ، وقال ابن عباس أيضاً ، وأبو مالك وقتادة : السنبلة ، وكان حبها ككلى البقر أحلى من العسل وألين من الزبد . روي ذلك عن وهب . ولما تاب الله على آدم جعلها غذاء لبنيه . قال بعض الصحابة وقتادة : التين ، وقال علي : شجرة الكافور . وقال الكلبي : شجرة العلم ، عليها من كل لون ، ومن أكل منها علم الخير والشر . وقال وهب : شجرة الخلد ، تأكل منها الملائكة . وقال أبو العالية : شجرة من أكل منها