@ 370 @ قالوا : نحن أحقاء بذلك وإذا أصابهم ما يسوءهم تشاءموا بموسى وزعموا أن ذلك بسببه واللام في { لَنَا } قيل للاستحقاق كما تقول السّرج للفرس وتشاؤمهم بموسى ومن معه معناه أنه لولا كونهم فينا لم يصبنا كما قال الكفار للرسول عليه السلام هذه من عندك في قوله { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هَاذِهِ مِنْ عِندِكَ } وأتى الشرط بإذا في مجيء الحسنة وهي لما تيقن وجوده لأنّ إحسان الله هو المعهود الواسع العام لخلقه بحيث أنّ إحسانه لخلقه عام حتى في حال الابتلاء وأتى الشرط بأن في إصابة السيئة وهي للممكن إبراز أن إصابة السيئة مما قد يقع وقد لا يقع وجهه رحمة الله أوسع ، قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف قيل { فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ } بإذا وتعريف الحسنة { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } بأن وتنكير السيئة ( قلت ) : لأن جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه وأما السيئة فلا تقع إلا في الندرة ولا يقع إلا يسير منها ومنه قول بعضهم وقد عددت أيام البلاء فهلا عددت أيام الرجاء انتهى ، وقرأ عيسى بن عمرو طلحة بن مصرّف تطيروا بالتاء وتخفيف الطاء فعلاً ماضياً وهو جواب { وَإِن تُصِبْهُمْ } وهذا عند سيبويه مخصوص بالشعر أعني أن يكون فعل الشرط مضارعاً وفعل الجزاء ماضي اللفظ نحو قول الشاعر : % ( من يكدني بسيىء كنت منه % .
كالشجى بين حلقه والوريد .
) % .
وبعض النحويين يجوزه في الكلام وما روي من أن مجاهداً قرأ تشاءموا مكان تطيروا فينبغي أن يحمل ذلك على التفسير لا على أنه قرآن لمخالفته سواد المصحف . { أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } قال ابن عباس { طَائِرُهُمْ } ما يصيبهم أي ما طار لهم في القدر مما هم لا قوة وهو مأخوذ من زجر الطير سمى ما عند الله من القدر للإنسان طائراً لما كان يعتقد أن كل ما يصيبه إنما هو بحسب ما يراه في الطائر فهي لفظة مستعارة قاله ابن عطية ، وقال الزمخشري : أي سبب خيرهم وشرّهم عند الله تعالى وهو حكمه ومشيئته والله تعالى هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيئة وليس شؤم أحدهم ولا يمنه بسبب فيه كقوله تعالى { قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ اللَّهِ } ويجوز أن يكون معناه ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده يجري عليهم ما يسوءهم لأجله ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله تعالى في قوله { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } الآية ولا طائر أشأم من هذا ، وقرأ الحسن ألا إنما طيرهم وحكم بنفي العلم عن أكثرهم لأنّ القليل منهم علم كمؤمن آل فرعون وآسية امرأة فرعون ، وقال ابن عطية : ويحتمل أن كون الضمير في { طَائِرُهُمْ } لضمير العالم ويجيء تخصيص الأكثر على ظاهره ويحتمل أن يريد و { لَكِنِ * أَكْثَرُهُمْ } ليس قريباً أن يعلم لانعمارهم في الجهل وعلى هذا فيهم قليل معدّ لأن يعلم لو وفقه الله انتهى ، وهما احتمالان بعيدان وأبعد منه قوله وإمّا أن يراد الجمع وتجوّز في العبارة . .
{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن ءايَةٍ لّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } الضمير في { وَقَالُواْ } عائد على آل فرعون لم يزدهم الأخذ بالجذوب ونقص الثمرات إلا طغياناً وتشدّداً في كفرهم وتكذيبهم ولم يكتفوا بنسبة ما يصيبهم من السيئات إلا أن ذلك بسبب موسى ومن معه حتى واجهوه بهذا القول الدالّ على أنه لو أتى بما أتى من الآيات فإنهم لا يؤمنون بها وأتوا بمهما التي تقتضي العموم ثم فسّروا بآية على سبيل الاستهزاء في تسميتهم ذلك آية كما قالوا في قوله { إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَم