@ 369 @ على طاعة الله تعالى وفي الحديث ( أن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ) ، وقال الزمخشري : فيرى الكائن منكم من العمل حسنة وقبيحة وشكر النعمة وكفرانها ليجازيكم على حسب ما يوجد منكم انتهى ، وفيه تلويح الاعتزال ودخل عمرو بن عبيد وهو أحد كبار المعتزلة وزهادهم على المنصور ثاني خلفاء بني العباس قبل الخلافة وعلى مائدته رغيف أو رغيفان وطلب زيادة لعمرو فلم توجد فقرأ عمرو هذه الآية ، ثم دخل عليه بعد ما استخلف فذكر له ذلك وقال قد بقي { فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } . .
{ وَلَقَدْ أَخَذْنَا ءالَ فِرْعَوْنَ بِالسّنِينَ وَنَقْصٍ مّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } الأخذ التناول باليد ومعناه هنا الابتلاء في المدّة التي كان أقام بينهم موسى يدعوهم إلى الله ومعنى بالسنين بالقحوط والجدوب والسنة تطلق على الحول وتطلق على الجدب ضد الخصب وبهذا المعنى تكون من الأسماء الغالبة كالنجم والدّبران وقد اشتقوا منها بهذا المعنى فقالوا أسنت القوم إذا أجدبوا ومنه قوله : .
ورجال مكة مسنتوون عجاف .
وقال حاتم : % ( فإنا نهين المال من غير ضنّة % .
ولا يستكينا في السنين ضريرها .
) % .
وفي سنين لغتان أشهرهما إعرابها بالواو ورفعا والياء جرًّا ونصباً وقد تكلف النحاة علة لكونها جمعت هذا الجمع والأخرى جعل الإعراب في النون والتزام الياء في الأحوال الثلاثة نقلها أبو زيد والفراء ، وقال الفراء : هي في هذه اللغة مصروفة عند بني عامر وغير مصروفة عند غيرهم والكلام على ذلك أمعن في كتب النحو وكان هذا الجدب سبع سنين ، قال ابن عباس وقتادة : أما السّنون فكانت لباديتهم ومواشيهم وأما نقص الثمرات فكان في أمصارهم وهذه سيرة الله في الأمم يبتليها بالنقم ليزدجروا ويتذكروا بذلك ما كانوا فيه من النعم فإنّ الشدة تجلب الإنابة والخشية ورقة القلب والرجوع إلى طلب لطف الله وإحسانه وكذا فعل بقريش حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ) اللهم اجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف وروي أنه يبس لهم كل شيء حتى نيل مصر ونقصوا من الثمرات حتى كانت النخلة تحمل الثمرة الواحدة ومعنى { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } رجاء لتذكرهم وتنبههم على أن ذلك الابتلاء إنما هو لإصرارهم على الكفر وتكذيبهم بآيات الله فيزدجروا . .
{ فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَاذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ } ابتلوا بالجدب ونقص الثمرات رجاء التذكير فلم يقع المرجو وصاروا إذا أخصبوا وصحّوا