@ 267 @ أو المصير كتاب فحذف الياء والراء ترخيماً وعبّر عن المصير بالمص قاله التبريزي . وقيل عنه : أنا الله الصادق . وقيل معناه { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } قاله الكرماني قال : واكتفى ببعض الكلام وهذه الأقوال في الحروف المقطعة لولا أن المفسرين شحنوا بها كتبهم خلفاً عن سلف لضربنا عن ذكرها صفحاً فإن ذكرها يدل على ما لا ينبغي ذكره من تأويلات الباطنية وأصحاب الألغاز والرموز ونهيه تعالى أن يكون في صدره حرج منه أيّ من سببه لما تضمنه من أعباء الرسالة وتبليغها لمن لم يؤمن بكتاب ولا اعتقد صحة رسالة وتكليف الناس أحكامها وهذه أمور صعبة ومعانيها يشق عليه ذلك وأسند النهي إلى الحرج ومعناه نهي المخاطب عن التعرض للحرج ، وكان أبلغ من نهي المخاطب لما فيه من أنّ الحرج لو كان مما ينهى لنهيناه عنك فانتهِ أنت عنه بعدم التعرّض له ولأن فيه تنزيه نبيه صلى الله عليه وسلم ) بأن ينهاه فيأتي التركيب فلا تخرج منه لأنّ ما أنزله الله تعالى إليه يناسب أن يسرّ به وينشرح لما فيه من تخصيصه بذلك وتشريفه حيث أهّله لإنزال كتابه عليه وجعله سفيراً بينه وبين خلقه فلهذه الفوائد عدل عن أن ينهاه ونهي الحرج وفسر الحرج هنا بالشك وهو تفسير قلق وسمّى الشكّ حرجاً لأن الشاكّ ضيّق الصدر كما أنّ المتيقن منشرح الصدر وإن صحّ هذا عن ابن عباس فيكون مما توجه فيه الخطاب إليه لفظاً وهو لأمته معنى أي فلا يشكوا أنه من عند الله . وقال الحسن : الحرج هنا الضيق أي لا يضيق صدرك من تبليغ ما أرسلت به خوفاً من أن لا تقوم بحقّه . وقال الفرّاء : معناه لا يضيق صدرك بأن يكذّبوك كما قال تعالى : { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىءاثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَاذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً } وقيل : الحرج هنا الخوف أي لا تخف منهم وإن كذبوك وتمالؤوا عليك قالوا : ويحتمل أن يكون الخطاب له ولأمته ، والظاهر أنّ الضمير في { مِنْهُ } عائد على الكتاب ، وقيل على التبليغ الذي تضمنه المعنى . وقيل على التكذيب الذي دلّ عليه المعنى ، وقيل على الإنزال ، وقيل على الإنذار . قال ابن عطية : وهذا التخصيص كله لا وجه له إذ اللفظ يعمّ جميع الجهات التي هي من سبب الكتاب ولأجله وذلك يستغرق التبليغ والإنذار وتعرّض المشركين وتكذيب المكذبين وغير ذلك { فَلاَ يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مّنْهُ } اعتراض في أثناء الكلام ، ولذلك قال بعض الناس إن فيه تقديماً وتأخيراً { وَلِتُنذِرَ } متعلق بأنزل انتهى . وكذا قال الحوفي والزمخشري أنّ اللام متعلقة بقوله { أَنَزلَ } وقاله قبلهم الفرّاء ولزم من قولهم أن يكون قوله : فلا يكن { فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ } اعتراضاً بين العامل والمعمول . وقال ابن الأنباري : التقدير فلا يكن في صدرك حرج منه كي تنذر به فجعله متعلقاً بما تعلّق به في صدرك وكذا علقه به صاحب النظم فعلى هذا لا تكون الجملة معترضة وجوّز الزمخشري وأبو البقاء الوجهين إلا أنّ الزمخشري قال : ( فإن قلت ) : بم يتعلق قوله : { لّتُنذِرَ } ( قلت ) : بأنزل أي أنزل إليك لإنذارك به أو بالنهي لأنه إذا لم يخفهم أنذرهم ولذلك إذا أيقن أنه من عند الله شجّعه اليقين على الإنذار لأنّ صاحب اليقين جَسور متوكّل على عصمته انتهى . فقوله أو بالنهي ظاهره أنه يتعلق بالنّهي فيكون متعلقاً بقوله فلا يكن كان عندهم في تعليق المجرور والعمل في الظرف فيه خلاف ومبناه على أنه هل تدلّ كان الناقصة على الحدث أم لا فمن قال إنها تدلّ على الحدث جوّز فيها ذلك ، ومن قال إنها لا تدلّ عليه لم يجوّز ذلك ، وأعرب الفرّاء وغيره { المص } مبتدأ و { كِتَابٌ } خبره وأعرب أيضاً { كِتَابٌ } خبر