@ 191 @ .
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة .
فليس الكاسب هنا مقيداً بزمان وإذا تقيد بزمان فإما أن يكون ماضياً دون أل فلا يعمل إذ ذاك عند البصريين أو بأل أو حالاً أو مستقبلاً فيجوز إعماله ، والإضافة إليه على ما أحكم في علم النحو وفصل وعلى تسليم أن يكون حالاً على الاستمرار في الأزمنة وتعمل فلا يجوز العطف على محل مجروره بل لو كان حالاً أو مستقبلاً لم يجز ذلك على القول الصحيح وهو مذهب سيبويه ، فلو قلت : زيد ضارب عمرو الآن أو غداً أو خالداً لم يجز أن تعطف وخالداً . على موضع عمرو وعلى مذهب سيبويه بل تقدره وتضرب خالداً لأن شرط العطف على الموضع مفقود فيه وهو أن يكون الموضع محرزاً لا يتغير ، وهذا موضح في علم النحو وقرىء شاذاً { وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ } برفعهما على الابتداء والخبر محذوف تقديره مجعولان حسباناً أو محسوبان حسباناً . .
{ ذالِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } أي ذلك الجعل أو ذلك الفلق والجعل أو ذلك إشارة إلى جميع الأخبار من قوله : { فَالِقُ الْحَبّ } إلى آخرها تقدير العزيز الغالب الذي كل شيء من هذه في تسخيره وقهره العليم الذي لا يعزب عنه شيء من هذه الأحوال ولا من غيرها وفي جعل ذلك كله بتقدير دلالة على أنه هو المختص الفاعل المختار لا أن ذلك فيها بالطبع ولا بالخاصية . .
{ وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِى ظُلُمَاتِ الْبَرّ وَالْبَحْرِ } نبه على أعظم فوائد خلقها وهي الهداية للطرق والمسالك والجهات التي تقصد والقبلة إذ حركات الكواكب في الليل يستدل بها على القبلة كما يستدل بحركة الشمس في النهار عليها ، والخطاب عام لكل الناس و { لِتَهْتَدُواْ } متعلق بجعل مضمرة لأنها بدل من لكم أي جعل ذلك لاهتدائكم وجعل معناها خلق فهي تتعدى إلى واحد ، قال ابن عطية : وقد يمكن أن تكون بمعنى صير ويقدر المفعول الثاني من { لِتَهْتَدُواْ } أي جعل لكم النجوم هداية انتهى ، وهو ضعيف لندور حذف أحد مفعولي باب ظن وأخواتها والظاهر أن الظلمات هنا على ظاهرها وأبعد من قال : يصح أن تكون الظلمات هنا الشدائد في المواضع التي يتفق أن يهتدى فيها بها ، وأضاف الظلمات إلى البر والبحر لملابستها لهما أو شبه مشتبهات الطرق بالظلمات وذكر تعالى النجوم في كتابه للزينة والرحم والهداية فما سوى ذلك اختلاق على الله وافتراء . .
{ قَدْ فَصَّلْنَا الاْيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي بينا وقسمنا وخص من يعلم لأنهم الذين ينتفعون بتفصيلها وأما غيرهم فمعرضون عن الآيات وعن الاستدلال بها . .
{ وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَكُم مّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ } وهي آدم عليه السلام . .
{ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } قرأ الجمهور بفتح القاف جعلوه مكاناً أي موضع استقرار وموضع استيداع أو مصدراً أي فاستقرار واستيداع ولا يكون مستقر اسم مفعول لأنه لا يتعدّى فعله فيبنى منه اسم مفعول ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر القاف اسم فاعل وعلى هذه القراءة يكون { * مستودع } بفتح الدال اسم مفعول لما ذكر إنشاءهم ذكر انقسامهم إلى مستقر { فَمُسْتَقَرّ