@ 175 @ من الفاعل ، أصله وسع علم ربي كل شيء . .
{ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } تنبيه لهم على غفلتهم حيث عبدوا ما لا يضر ولا ينفع ، وأشركوا بالله وعلى ما حاجهم به من إظهار الدلائل التي أقامها على عدم صلاحية هذه الأصنام للربوبية . وقال الزمخشري : { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } فتميزوا بين الصحيح والفاسد والقادر والعاجز ، وقيل : أفلا تتعظون بما أقول لكم ، وقال عبد الله الرازي : { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } أن نفي الشركاء والأضداد والأنداد عن الله لا يوجب حلول العذاب ونزول العقاب . .
{ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً } استفهام معناه التعجب والإنكار كأنه تعجب من فساد عقولهم حيث خوفوه خشباً وحجارة لا تضر ولا تنفع ، وهم لا يخافون عقبي شركهم بالله وهو الذي بيده النفع والضر والأمر كله { وَلاَ تَخَافُونَ } معطوف على { أَخَافُ } فهو داخل في التعجب والإنكار واختلف متعلق الخوف فبالنسبة إلى إبراهيم علق الخوف بالأصنام وبالنسبة إليهم علقه بإشراكهم بالله تعالى تركاً للمقابلة ، ولئلا يكون الله عديل أصنامهم لو كان التركيب ولا تخافون الله تعالى وأتى بلفظ { مَا } الموضوعة لما لا يعقل لأن الأصنام لا تعقل إذ هي حجارة وخشب وكواكب ، والسلطان الحجة والإشراك لا يصح أن يكون عليه حجة وكأنه لما أقام الدليل العقلي على بطلان الشركاء وربوبيتهم ، نفى أيضاً أن يكون على ذلك دليل سمعي فالمعنى أن ذلك ممتنع عقلاً وسمعاً فوجب اطراحه ، وقرىء سلطاناً بضم اللام والخلاف هل ذلك لغة فيثبت به بناء فعلان بضم الفاء والعين أو هو اتباع فلا يثبت به . .
{ فَأَىُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالاْمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } لما خوفوه في مكان الأمن ولم يخافوا في مكان الخوف أبرز الاستفهام في صورة الاحتمال وإن كان قد علم قطعاً أنه هو الآمن لاهم كما قال الشاعر : % ( فلئن لقيتك خاليين لتعلمن % .
أني وايك فارس الأحزاب .
) % .
أي أينا ومعلوم عنده أنه هو فارس الأحزاب لا المخاطب وأضاف أيا إلى الفريقين ، ويعني فريق المشركين وفريق الموحدين وعدل عن أينا أحق بالأمن أنا أم أنتم احترازاً من تجريد نفسه فيكون ذلك تزكية لها ، وجواب الشرط محذوف أي إن كنتم من ذوي العلم والاستبصار فأخبروني أي هذين الفريقين أحق بالأمن . .
{ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الاْمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } الظاهر أنه من كلام إبراهيم لما استفهمهم استفهام عالم بمن هو الآمن وأبرزه في صورة السائل الذي لا يعلم استأنف الجواب عن السؤال ، وصرح بذلك المحتمل فقال : الفريق الذي هو أحق بالأمن هم الذين آمنوا ، وقيل : هو من كلام قوم إبراهيم أجابوا بما هو حجة عليهم ، وقيل : هو من كلام الله أمر إبراهيم أن يقوله لقومه أو قاله على جهة فصل القضاء بين خلقه وبين من حاجه قومه ، واللبس الخلط والذين آمنوا : ابراهيم وأصحابه وليست في هذه الأمة قاله علي وعنه ابراهيم خاصة أو من هاجر إلى المدينة ، قاله عكرمة أو عامة قاله بعضهم وهو الظاهر ، والظلم هنا الشرك قاله ابن مسعود وأبيّ ، وعن جماعة من الصحابة أنه لما نزلت أشفق الصحابة وقالوا : أينا لم يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( إنما ذلك كما قال لقمان : { إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ) ولما قرأها عمر عظمت عليه فسأل أبياً فقال : إنه الشرك يا أمير المؤمنين فسرى عنه وجرى لزيد بن صوحان مع سلمان نحو مما جرى لعمر مع أبيّ ، وقرأ مجاهد : { وَلَمْ يَلْبِسُوا