@ 159 @ عليه من البحائر والسوائب والجوامي والوصائل وعبادة الأصنام والطواف حول البيت عراة يصفرون ويصفقون أو الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام { لَعِباً وَلَهْواً } حيث سخروا به واستهزؤوا ، أو عبادتهم لأنهم كانوا مستغرقين في اللهو واللعب وشرب الخمر والعزف والرقص لم تكن لهم عبادة إلا ذلك أقوال ثلاثة وانتصب { لَعِباً وَلَهْواً } على المفعول الثاني لاتخذوا . وقال أبو عبد الله الرازي : الأقرب إن المحقق في { الدّينِ } هو الذي ينصر الدّين لأجل أنه قام الدليل على أنه حق وصدق وصواب ، وأما الذين ينصرونه ليتوسلوا به إلى أخذ المناصب والرئاسة وغلبة الخصم وجمع الأموال فهم نصروا الدّين للدنيا وقد حكم الله على الدّنيا في سائر الآيات بأنها لعب ولهو ، فالآية إشارة إلى من يتوسل بدينه إلى دنياه وأكثر الخلق موصوفون بهذه الصفة ؛ انتهى ، وفيه بعض تلخيص وظاهر تفسيره يقتضي أن { اتَّخَذُواْ } هنا متعدّية إلى واحد وإن انتصاب { لَعِباً وَلَهْواً } على المفعول من أجله فيصير المعنى اكتسبوا دينهم وعملوه وأظهروا اللعب واللهو أي للدّنيا واكتسابها ويظهر من بعض كلام الزمخشري وابن عطية أن { لَعِباً وَلَهْواً } هو المفعول الأول لاتخذوا و { دِينَهُمُ } هو المفعول الثاني . قال الزمخشري : أي دينهم الذي كان يجب أن يأخذوا به { لَعِباً وَلَهْواً } وذلك أن عبادتهم وما كانوا عليه من تحريم البحائر والسوائب وغير ذلك من باب اللعب واتباع هوى النفس والعمل بالشهوة ، ومن جنس الهزل دون الجدّ واتخذوا ما هو لعب ولهو من عبادة الأصنام وغيرها ديناً لهم واتخذوا دينهم الذي كلفوه ودعوا إليه هو دين الإسلام { لَعِباً وَلَهْواً } حيث سخروا به واستهزؤوا ؛ انتهى . فظاهر تقديره الثاني هو ما ذكرناه عنه . وقال ابن عطية : وأضاف الدين إليهم على معنى أنهم جعلوا اللهو واللعب ديناً ويحتمل أن يكون المعنى { اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ } الذي كان ينبغي لهم { لَعِباً وَلَهْواً } ؛ انتهى . فتفسيره الأول هو ما ذكرناه عنه . قال الزمخشري : وقيل : جعل الله لكل قوم عيداً يعظمونه ويصلون فيه ويعمرونه بذكر الله والناس كلهم من المشركين ، وأهل الكتاب اتخذوا عيدهم { لَعِباً وَلَهْواً } غير المسلمين فإنهم اتخذوا دينهم عيدهم كما شرعه الله ومعنى ذرهم أعرض عنهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ولا تشغل قلبك بهم ؛ انتهى . .
{ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا } يحتمل أن يكون معطوفاً على الصلة وأن يكون استئناف إخبار أي خدعتهم الغرور وهي الأطماع فيما لا يتحصل فاغتروا بنعم الله ورزقه وإمهاله إياهم . وقيل : غرّتهم بتكذيبهم بالبعث . وقال أبو عبد الله الرازي : لأجل استيلاء حب الدنيا أعرضوا عن حقيقة الدين واقتصروا على تزيين الظواهر ليتوصلوا بها إلى حطام الدنيا ؛ انتهى . وقيل : { * غرتهم } من الغرّ بفتح الغين أي ملأت أفواههم وأشبعتهم . ومنه قول الشاعر :