@ 158 @ وقد ذكر القراءتين إلا أن التشديد أكثر مبالغة ؛ انتهى . وليس كما ذكر لا فرق بين تضعيف التعدية والهمزة ومفعول { يُنسِيَنَّكَ } الثاني محذوف تقديره { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ } نهينا إياك عن القعود معهم والذكرى مصدر ذكر جاء على فعلى وألفه للتأنيث ولم يجيء مصدر على فعلى غيره . .
{ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء } { الَّذِينَ يَتَّقُونَ } هم المؤمنون والضمير في { حِسَابَهُمْ } عائد على المستهزئين الخائضين في الآيات . وروي أن المؤمنين قالوا : لما نزلت فلا تقعدوا معهم لا يمكننا طواف ولا عبادة في الحرم فنزلت { وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء } فأبيح لهم قدر ما يحتاج إليه من التصرف بينهم في العبادة ونحوها ، والظاهر أن حكم الرسول موافق لحكم غيره لاندراجه في قوله : { وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ } أمر هو صلى الله عليه وسلم ) بالإعراض عنهم حتى إن عرض نسيان وذكر فلا تقعد معهم . وقيل : للمتقين وهو رأسهم أي ما عليكم من حسابهم من شيء . .
{ وَلَاكِن ذِكْرَى } أي ولكن عليكم أن تذكروهم ذكرى إذا سمعتموهم يخوضون بأن تقوموا عنهم وتظهروا كراهة فعلهم وتعظوهم . .
{ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي لعلهم يجتنبون الخوض في الآيات حياء منكم ورغبة في مجالستكم قاله مقاتل ، أو { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الوعيد بتذكيركم إياهم . وقيل : المعنى لا تقعدوا معهم ولا تقربوهم حتى لا تسمعوا استهزاءهم وخوضهم ، وليس نهيكم عن القعود لأن عليكم شيئاً من حسابهم وإنما هو ذكرى لكم لعلكم تتقون أي تثبتون على تقواكم وتزدادونها ، فالضمير في { لَعَلَّهُمْ } عائد على { الَّذِينَ يَتَّقُونَ } ومن قال الخطاب في وإذا رأيت خاص بالرسول قال { الَّذِينَ يَتَّقُونَ } للمؤمنين دونه ومعناها الإباحة لهم دونه كأنه قال : يا محمد لا تقعد معهم وأما المؤمنون فلا شيء عليهم من حسابهم فإن قعدوا فليذكروهم { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الله في ترك ما هم عليه . وقال هذا القائل : هذه الإباحة التي اقتضتها هذه الآية نسختها آية النساء وذكرى يحتمل أن تكون في موضع نصب أي ولكن تذكرونهم ، ومن قال الإباحة كانت بسبب العبادات قال نسخ ذلك آية النساء أو ذكروهم وفي موضع رفع أي ولكن عليهم ذكرى وقدّره بعضهم ولكن هو ذكرى أي الواجب ذكرى . وقيل : هذا ذكرى أي النهي ذكرى . قال الزمخشري : ولا يجوز أن يكون عطفاً على محل من شيء كقولك : ما في الدار من أحد ولكن زيد لأن قوله : { مِنْ حِسَابِهِم } يأبى ذلك ؛ انتهى . كأنه تخيل إن في العطف يلزم القيد الذي في المعطوف عليه وهو من حسابهم لأنه قيد في شيء فلا يجوز عنده أن يكون من عطف المفردات عطفاً على { مِن شَىْء } على الموضع لأنه يصير التقدير عنده و { لَكِنِ * ذِكْرِى } من حسابهم وليس المعنى على هذا وهذا الذي تخيله ليس بشيء لا يلزم في العطف ( ولكن ) ما ذكر تقول : ما عندنا رجل سوء ولكن رجل صدق وما عندنا رجل من تميم ولكن رجل من قريش ، وما قام من رجل عالم ولكن رجل جاهل فعلى هذا الذي قررناه يجوز أن يكون من قبيل عطف الجمل كما تقدم ، ويجوز أن يكون من عطف المفردات والعطف إنما هو للواو ودخلت { لَكِنِ } للاستدراك . قال ابن عطية : وينبغي للمؤمن أن يمتثل حكم هذه الآية الملحدين وأهل الجدل والخوض فيه . وحكى الطبري عن أبي جعفر أنه قال : لا تجالسوا أهل الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات الله تعالى . .
{ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً } هذا أمر بتركهم وكان ذلك لقلة أتباع الإسلام حينئذ . قال قتادة : ثم نسخ ذلك وما جرى مجراه بالقتال . وقال مجاهد : إنما هو أمر تهديد ووعيد كقوله تعالى : { ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } ولا نسخ فيها لأنها متضمنة خبراً وهو التهديد ودينهم ما كانوا