@ 155 @ تبين قبح فعلهم أي ثم بعد معرفتكم بهذا كله وتحققه أنتم تشركون ؛ انتهى . وقيل : معنى { يُشْرِكُونَ } تعودون إلى ما كنتم عليه من الإشراك وعبادة الأصنام ولا يخفى ما في هذه الجملة الإسمية من التقبيح عليهم إذ ووجهوا بقوله : { ثُمَّ أَنتُمْ } كقوله : { ثُمَّ أَنتُمْ } هؤلاء بعد قوله { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ } وإذا كان الخبر { تُشْرِكُونَ } بصيغة المضارع المشعر بالاستمرار والتجدد في المستقبل كما كانوا عليه فيما مضى . .
{ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } هذا إخبار يتضمن الوعيد ، والأظهر من نسق الآيات أنه خطاب للكفار وهو مذهب الطبري . وقال أبي وأبو العالية وجماعة : هي خطاب للمؤمنين . قال أبي : هنّ أربع : عذاب قبل يوم القيامة مضت اثنتان قبل وفاة الرسول بخمس وعشرين سنة لبسوا شيعاً وأذيق بعضهم بأس بعض ، وثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم . وقال الحسن : بعضها للكفار بعث العذاب من فوق ومن تحت وسائرها للمؤمنين ، انتهى . وحين نزلت استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم ) وقال في الثالثة : ( هذه أهون أو هذه أيسر ) ؛ واحتج بهذا من قال هي للمؤمنين . وقال الطبري : لا يمتنع أن يكون عليه لسلام تعوذ لأمته مما وعد به الكفار وهون الثالثة لأنها في المعنى هي التي دعا فيها فمنع كما في حديث الموطأ وغيره . والظاهر { مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } الحقيقة كالصواعق وكما أمطر على قوم لوط وأصحاب الفيل الحجارة وأرسل على قوم نوح الطوفان ، كقوله : { فَفَتَحْنَا أَبْوابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ } وكالزلازل ونبع الماء المهلك وكما خسف بقارون . وقال السدي عن أبي مالك وابن جبير : الرجم والخسف . وقال ابن عباس : { مّن فَوْقِكُمْ } ولاة الجور و { مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } سفلة السوء وخدمته . وقيل : حبس المطر والنبات . وقيل : { مّن فَوْقِكُمْ } خذلان السمع والبصر والآذان واللسان و { مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } خذلان الفرح والرجل إلى المعاصي ؛ انتهى ، وهذا والذي قبله مجاز بعيد . .
{ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } أي يخلطكم فرقاً مختلفين على أهواء شتى كلّ فرقة منكم مشايعة لإمام ومعنى خلطهم انشاب القتال بينهم فيختلطوا ويشتبكوا في ملاحم القتال كقول الشاعر : % ( وكتيبة لبستها بكتيبة % .
حتى إذا التبست نفضت لها يدي فتركتهم تقص الرماح ظهورهمما بين منعفر وآخر مسند .
) % .
قال ابن عباس ومجاهد : تثبت فيكم الأهواء المختلفة فتصيرون فرقاً . وقيل : المعنى يقوي عدوكم حتى يخالطوكم . وقرأ أبو عبد الله المدني { يَلْبِسَكُمْ } بضمّ الياء من اللبس استعارة من اللباس فعلى فتح الياء يكون شيعاً حالاً . وقيل : مصدر والعامل فيه { يَلْبِسَكُمْ } من غير لفظه ؛ انتهى . ويحتاج في كونه مصدراً إلى نقل من اللغة وعلى ضم الياء يحتمل أن يكون التقدير أو يلبسكم الفتنة شيعاً ويكون شيعاً حالاً ، وحذف المفعول الثاني ويحتمل أن يكون المفعول الثاني شيعاً كان الناس يلبس بعضهم بعضاً كما قال الشاعر