@ 276 @ تعالى بها مستأنفة لا داخلة تحت الحال ، ولذل كغاير فيها بحرف العطف وبصيغة الفعل عما قبلها من الحرف والصيغة . ومن جعل العلم بمضمون هذه الجمل هو الحال ، جعل تمكنهم من العلم بالإحياء الثاني والرجوع لما نصب على ذلك من الدلائل التي توصل إليه بمنزلة حصول العلم . فحصوله بالإماتتين والإحياء الأول ، وكثير من الناس علموا ثم عاندوا ، وفي ترتيب هاتين الموتتين والحياتين اللاتي ذكر الله تعالى وامتن عليها بها أقوال : الأول : أن الموت الأول : العدم السابق قبل الخلق ، والإحياء الأول : الخلق ، والموت الثاني : المعهود في دار الدنيا ، والحياة الثانية : البعث للقيامة ، قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد . الثاني : أن الموت الأول : المعهود في الدنيا ، والإحياء الأول : هو في القبر للمسألة ، والموت الثاني : في القبر بعد المسألة ، والإحياء الثاني : البعث ، قاله ابن عباس وأبو صالح . الثالث : أن الموت الأول : كونهم في أصلاب آبائهم ، والإحياء الأول : الإخراج من بطون الأمهات ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء الثاني : البعث ، قاله قتادة . الرابع : أن الموت الأول : هو الذي اعتقب إخراجهم من صلب آدم نسماً كالذر ، والإحياء الأول : إخراجهم من بطون أمهاتهم ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء : البعث ، قاله ابن زيد . الخامس : أن الموت الأول : مفارقة نطفة الرجل إلى الرحم فهي ميتة إلى نفخ الروح فيحييها بالنفخ ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء الثاني : البعث . السادس : أن الموت الأول هو الخمول ، والإحياء الأول : الذكر والشرف بهذا الدين والنبي الذي جاءكم ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء الثاني : البعث ، قاله ابن عباس . السابع : أن الموت الأول : كون آدم من طين ، والإحياء الأول : نفخ الروح فيه فحييتم بحياته ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء الثاني : البعث . .
واختار ابن عطية القول الأول وقال : هو أولى الأقوال ، لأنه لا محيد للكفار عن الإقرار به في أول ترتيبه ، ثم إن قوله : وكنتم أمواتاً ، وإسناده آخراً الإماتة إليه ، مما يقوي ذلك القول ، وإذا أذعنت نفوس الكفار لكونهم أمواتاً معدومين ثم للإحياء في الدنيا ثم للإماتة فيها ، قوي عليهم لزوم الإحياء الآخر وجاء جحدهم له دعوى لا حجة عليها . انتهى كلامه ، وهو كلام حسن . .
وللمنسوبين إلى علم الحقائق أقوال تخالف ما تقدم :