@ 87 @ ويحتمل أن يعود على الجمع ، وهو المصدر المفهوم من قولهم { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } . .
{ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } اختلف في إعراب { الَّذِينَ } فقال الأخفش : هو بدل من ضمير الخطاب في { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } وردّه المبرد بأن البدل من ضمير الخطاب لا يجوز ، كما لا يجوز مررت بك زيد وردّ رد المبرد ابن عطية . فقال : ما في الآية مخالف للمثال لأن الفائدة في البدل مترتبة من الثاني ، وإذا قلت مررت بك زيد فلا فائدة في الثاني ، وقوله : هّ { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } يصلح لمخاطبة الناس كافة فيفيدنا إبدال { الَّذِينَ } من الضمير أنهم هم المختصون بالخطاب وخصوا على جهة الوعيد ، ويجيء هذا بدل البعض من الكل ، انتهى . وما ذكره ابن عطية في هذا الردّ ليس بجيد ، لأنه إذا جعلنا { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } يصلح لمخاطبة الناس كافة كان { الَّذِينَ } بدل بعض من كل ، ويحتاج إذ ذاك إلى ضمير ويقدر { الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } منهم وقوله فيفيدنا إبدال { الَّذِينَ } من الضمير أنهم هم المختصون بالخطاب ، وخصوا على جهة الوعيد وهذا يقتضي أن يكون بدل كل من كل فتناقض أول كلامه مع آخره لأنه من حيث الصلاحية ، يكون بدل بعض من كل ومن حيث اختصاص الخطاب بهم يكون بدل كل من كل ، والمبدل منه متكلم أو مخاطب في جوازه خلاف مذهب الكوفيين والأخفش ، أنه يجوز ومذهب جمهور البصريين أنه لا يجوز ، وهذا إذا لم يكن البدل يفيد معنى التوكيد فإنه إذ ذاك يجوز ، وهذا كله مقرر في علم النحو . وقال الزجاج : { الَّذِينَ } مرفوع على الابتداء والخبر قوله : { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ودخلت الفاء لما تضمن المبتدأ من معنى الشرط كأنه قيل : من يخسر نفسه فهو لا يؤمن ، ومن ذهب إلى البدل جعل الفاء عاطفة جملة على جملة وأجاز الزمخشري أن يكون { الَّذِينَ } منصوباً على الذمّ أي : أريد { الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } ؛ انتهى وتقديره بأريد ليس بجيد إنما يقدر النحاة المنصوب على الذم بأذم وأبعد من ذهب إلى أن موضع { الَّذِينَ } جر نعتاً للمكذبين أو بدلاً منهم . .
وقال الزمخشري ( فإن قلت ) : كيف جعل عدم إيمانهم مسبباً عن خسرهم والأمر بالعكس ؟ ( قلت ) : معناه { الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } في علم الله لاختيارهم الكفر { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ؛ انتهى . وفيه دسيسة الاعتزال بقوله : لاختيارهم الكفر . .
{ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى الَّيْلِ وَالنَّهَارِ } لما ذكر تعالى أنه له ملك ما حوى المكان من السموات والأرض ، ذكر ما حواه الزمان من الليل والنهار وإن كان كل واحد من الزمان والمكان يستلزم الآخر ، لكن النص عليهما أبلغ في الملكية وقدم المكان لأنه أقرب إلى العقول والأفكار من الزمان وله قال الزمخشري وغيره ، هو معطوف على قوله { لِلَّهِ } والظاهر أنه استئناف إخبار وليس مندرجاً تحت قوله : قل ، و { سَكَنَ } هنا قال السدّي وغيره : من السكنى أي ما ثبت وتقرر ، ولم يذكر الزمخشري غيره . قال : وتعديه ب { فِى } كما في قوله : { وَسَكَنتُمْ فِى مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } وقالت فرقة : هو من السكون المقابل للحركة واختلف هؤلاء . فقيل : ثم معطوف محذوف أي وما تحرّك ، وحذف كما حذف في قوله : تقيكم الحر والبرد . وقيل : لا محذوف هنا واقتصر على الساكن لأن كل متحرك قد يسكن وليس كل ما يسكن يتحرك . وقيل : لأن السكون أكثر وجوداً من الحركة ، وقال في قوله : { وَالنَّهَارَ } لأن من المخلوقات ما يسكن