@ 78 @ِ إِلَاهٌ } أي : وهو المعروف بالإلهية أو المتوحد بالإلهية فيها ، أو هو الذي يقال له : الله فيها لا يشرك في هذا الاسم ؛ انتهى ، فانظر تقاديره كلها كيف قدر العامل واحداً من المعاني لا جميعها ، وقالت فرقة { هُوَ } على تقدير صفة حذفت وهي مرادة في المعنى ، كأنه قيل : هو الله المعبود { فِي السَّمَاوَاتِ * وَفِى الاْرْضِ } وقدرها بعضهم وهو الله المدبر { فِي السَّمَاوَاتِ * وَفِى الاْرْضِ } ، وقالت فرقة : { وَهُوَ اللَّهُ } تم الكلام هنا . ثم استأنف ما بعده وتعلق المجرور ب { يَعْلَمْ } وقالت فرقة : { وَهُوَ اللَّهُ } تام و { فِي السَّمَاوَاتِ * وَفِى الاْرْضِ } متعلق بمفعول { يَعْلَمْ } وهو { سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } والتقدير يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ، وهذا يضعف لأن فيه تقديم مفعول المصدر الموصول عليه والعجب من النحاس حيث قال : هذا من أحسن ما قيل فيه ، وقالت فرقة : هو ضمير الأمر والله مرفوع على الابتداء وخبره { فِي السَّمَاوَاتِ } والجملة خبر عن ضمير الأمر وتم الكلام . ثم استأنف فقال : { وَفِى الاْرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } أي : ويعلم في الأرض . .
وقال ابن جرير نحواً من هذا إلا أن { هُوَ } عائد على ما عادت عليه الضمائر قبل وليس ضمير الأمر . وقيل : يتعلق { فِي السَّمَاوَاتِ } بقوله : { تَكْسِبُونَ } هذا خطأ ، لأن { مَا } موصولة ب { تَكْسِبُونَ } وسواء كانت حرفاً مصدرياً أم اسماً بمعنى الذي ، فإنه لا يجوز تقديم معمول الصلة على الموصول . وقيل { فِي السَّمَاوَاتِ } حال من المصدر الذي هو { سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } تقدم على ذي الحال وعلى العامل . وقال الزمخشري : يجوز أن يكون { اللَّهُ فِى * السَّمَاوَاتِ } خبراً بعد خبر على معنى أنه الله وأنه في السموات والأرض بمعنى أنه عالم بما فيهما ، لا يخفى عليه شيء منه كأن ذاته فيها وهو ضعيف ، لأن المجرور بفي لا يدل على وصف خاص إنما يدل على كون مطلق وعلى هذه الأقوال ينبني إعراب هذه الآية ، وإنما ذهب أهل العلم إلى هذه التأويلات والخروج عن ظاهر { فِي السَّمَاوَاتِ * وَفِى الاْرْضِ } لما قام عليه دليل العقل من استحالة حلول الله تعالى في الأماكن ومماسة الإجرام ومحاذاته لها وتحيزه في جهة ، قال معناه وبعض لفظه ابن عطية وفي قوله : { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ } إلى آخره خبر في ضمنه تحذير وزجر . قال أبو عبد الله الرازي : المراد بالسرّ صفات القلوب وهو الدواعي والصوارف وبالجهر أعمال الجوارح وقدم السرّ لأن ذكر المؤثر في الفعل هو مجموع القدرة مع الداعي ، فالداعية التي هي من باب السرّ هي المؤثرة في أعمال الجوارح المسماة بالجهر ، وقد ثبت أن العلم بالعلة علة العلم بالمعلول والعلة متقدّمة على المعلول والمقدم بالذات يجب تقديمه بحسب اللفظ ، انتهى . .
وقال التبريزي : معناه يعلم ما تخفونه من أعمالكم ونياتكم وما تظهرون من أعمالكم وما تكسبون ، عام لجميع الاعتقادات والأقوال والأفعال وكسب كل إنسان عمله المفضي به إلى اجتلاب نفع أو دفع ضرّ ولهذا لا يوصف به الله تعالى . وقال أبو عبد الله الرازي : وفي أول كلامه شيء من معنى كلام الزمخشري يجب حمل قوله : { مَا تَكْسِبُونَ } على ما يستحقه الإنسان على فعله من ثواب وعقاب ، فهو محمول على المكتسب كما يقال هذا المال كسب فلان أي مكتسبه ، ولا يجوز حمله على نفس الكسب وإلا لزم عطف الشيء على نفسه وفي هذه الآية رد على المعطلة والثنوية والحشوية والفلاسفة ؛ انتهى . .
وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف موقع قوله { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } ( قلت ) : إن أراد المتوحد بالإلهية كان تقريراً له ، لأن الذي استوى في علمه السرّ والعلانية ، هو الله وحده وكذلك إذا جعلت { فِي السَّمَاوَاتِ } خبراً بعد خبر وإلا فهو كلام مبتدأ أو خبر ثالث ، انتهى ، وهذا على مذهب من يجيز أن يكون للمبتدأ أخباراً متعددة . .
{ وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } { مِنْ } الأولى زائدة لاستغراق الجنس ، ومعنى الزيادة فيها أن ما