@ 8 @ التبعيض على أنهم عرفوا بعض الحق فأبكاهم ، انتهى . .
والجملة من قوله : { وَإِذَا سَمِعُواْ } تحتمل الاستئناف ، وتحتمل أن تكون معطوفة على خبر إنهم . وقرىء : { تَرَى أَعْيُنَهُمْ } على البناء لما لم يسمّ فاعله { يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } المراد بآمنا أنشأنا الإيمان الخاص بهذه الأمة الإسلامية . والشاهدون : قال ابن عباس وابن جريج وغيرهما : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ) ، وقالوا ذلك هم شهداء على سائر الأمم ، كما قال تعالى : { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ } قال الزمخشري : وقالوا ذلك لأنهم وجدوا ذكرهم في الإنجيل كذلك ، انتهى . وقال الطبري : معناه ولو قيل معناه مع الشاهدين بتوحيدك من جميع العالم من تقدم ومن تأخر لكان صواباً . .
وقيل : مع الذين يشهدون بالحق . .
وقال الزجاج المراد بالشاهدين الأنبياء ، والمؤمنون ، والكتابة في اللوح المحفوظ . وقيل : معناه أثبتنا من قولهم كتب فلان في الجند أي ثبت ، و { يَقُولُونَ } في موضع نصب على الحال ، قاله ابن عطية وأبو البقاء ، ولم يبينا ذا الحال ولا العامل فيها ، ولا جائز أن يكون حالاً من الضمير في أعينهم لأنه مجرور بالإضافة لا موضع له من رفع ولا نصب إلا على مذهب من ينزل الخبر منزلة المضاف إليه ، وهو قول خطأ ، وقد بينا ذلك في كتاب منهج السالك من تأليفنا ، ولا جائز أن يكون حالاً من ضمير الفاعل في { عَرَفُواْ } لأنها تكون قيداً في العرفان وهم قد عرفوا الحق في هذه الحال وفي غيرها ، فالأولى أن تكون مستأنفة ، أخبر تعالى عنهم بأنهم التبسوا بهذا القول ، والمعنى أنهم عرفوا الحق بقلوبهم ونطقت به وأقرت ألسنتهم . .
{ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقّ } هذا إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان منهم مع قيام موجبة وهو عرفان الحق . قال الزمخشري والتبريزي : وموجب الإيمان هو الطمع في دخولهم مع الصالحين ، والظاهر أن قولهم ذلك هو الظاهر لأنفسهم على سبيل المكالمة معها لدفع الوساوس والهواجش ، إذ فراق طريقة وسلوك أخرى لم ينشأ عليها مما يصعب ويشق ، أو قول بعض من آمن لبعض على سبيل التثبت أيضاً ، أو قولهم ذلك على سبيل المحاجة لمن عارضهم من الكفار ، لما رجعوا إليهم ولا موهم على الإيمان أي ، وما يصدنا عن الإيمان بالله وحده . وقد لاح لنا الصواب وظهر الحق النير . .
وروي عن ابن عباس أن اليهود أنكروا عليهم ولاموهم فأجابوهم بذلك و { لاَ نُؤْمِنُ } في موضع الحال ، وهي المقصودة وفي ذكرها فائدة الكلام ، وذلك كما تقول : جاء زيد راكباً جواباً لمن قال : هل جاء زيد ماشياً أو راكباً ، والعامل فيها هو متعلق به الجار والمجرور ، رأي : أي شيء يستقرّ لنا ويجعل في انتفاء الإيمان عنا ، وفي مصحف عبد الله وما لنا لا نؤمن بالله وما أنزل علينا ربنا ونطمع وينبغي أن يحمل ذلك على تفسير قوله تعالى { وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقّ } لمخالفته ما أجمع عليه المسلمون من سواد المصحف . .
{ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ } الأحسن والأسهل أن يكون استئناف إخبار منهم بأنهم طامعون في إنعام الله عليهم بدخولهم مع الصالحين ، قالوا وعاطفة جملة على جملة ، و { مَا لَنَا لاَ * نُؤْمِنُ } لا عاطفة على نؤمن أو على لا نؤمن ولا على أن تكون الواو واو الحال ولم يذكر ابن عطية غير هذا الوجه . .
وقال الزمخشري : والواو في { وَنَطْمَعُ } واو الحال ، والعامل في الحال معنى الفعل العامل في { لاَ نُؤْمِنُ } ن ، ولكن مفيداً بالحال الأولى لأنك لو أزلتها وقلت : وما لنا نطمع لم يكن كلاماً ، انتهى