@ 7 @ زاهد ، والرهبان جمع راهب كفارس وفرسان والرهب والرهبة الخشية . وقيل الرهبان مفرد كسلطان وأنشدوا : % ( لو عاينت رهبان دير في القلل % .
تحدر الرهبان تمشي وتزل .
) % .
ويروي ونزل ، والقسيس تقدم شرحه في المفردات . وقال ابن زيد : هو رأس الرهبان . وقيل : العالم . وقيل : رافع الصوت بالقراءة . وقيل : الصديق ، وفي هذا التعليل دليل على جلاله العلم ، وأنه سبيل إلى الهداية ، وعلى حسن عاقبة الانقطاع ، وأنه طريق إلى النظر في العاقبة على التواضع ، وأنه سبب لتعظيم الموحد إذ يشهد من نفسه ومن كل محدث أنه مفتقر للموجد فيعظم عند مخترع الأشياء البارىء { وَإِذَا مَا * سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى * رَسُولِ اللَّهِ * تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقّ } هذا وصف برقة القلوب والتأثر بسماع القرآن ، والظاهر أن الضمير يعود على قسيسين ورهباناً فيكون عامّاً ، ويكون قد أخبر عنهم بما يقع من بعضهم كما جرى للنجاشي حيث تلا عليه جعفر سورة مريم إلى قوله { ذالِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ } وسورة طه إلى قوله { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى } فبكى وكذلك قومه الذين وفدوا على الرسول حين قرأ عليها { يس } فبكوا . .
وقال ابن عطية ما معناه : صدر الآية عام في النصارى و { إِذَا * سَمِعُواْ } عام في من آمن من القادمين من أرض الحبشة ، إذ ليس كل النصارى يفعل ذلك ، بل هم الذين بعثهم النجاشي ليروا النبي صلى الله عليه وسلم ) ويسمعوا ما عنده ، فلما رأوه وتلا عليهم القرآن فاضت أعينهم من خشية الله تعالى ، انتهى . .
وقال السديّ : لما رجعوا إلى النجاشي آمن وهاجر بمن معه فمات في الطريق ، فصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ) والمسلمون واستغفروا له ، { وَتَرَى } من رؤية العين وأسند الفيض إلى الأعين وإن كان حقيقة للدموع كما قال : .
ففاضت دموع العين مني صبابة .
إقامة للمسبب مقام السبب ، لأن الفيض مسبب عن الامتلاء ، فالأصل ترى أعينهم تمتلىء من الدمع حتى تفيض ، لأن الفيض على جوانب الإناء ناشىء عن امتلائه ، قال الشاعر : .
وقد يملأ الماء الإناء فيفعم .
ويحتمل أنه أسند الفيض إلى الأعين على سبيل المبالغة في البكاء لما كانت تفاض فيها جعلت الفائضة بأنفسها على سبيل المجاز والمبالغة ، و { مِنْ } في { مِنَ الدَّمْعِ } قال أبو البقاء : فيه وجهان أحدهما : أن { مِنْ } لابتداء الغاية أي فيضها من كثرة الدموع والثاني : أن يكون حالاً ، والتقدير تفيض مملوءة من الدمع مما عرفوا من الحق ، ومعناها من أجل الذي عرفوه ، و { مِنَ الْحَقّ } حال من العائد المحذوف أو حال من ضمير الفاعل في عرفوا . .
وقيل : { مِنْ } في { مِنَ الدَّمْعِ } بمعنى الباء أي بالدمع . .
وقال الزمخشري : { مِنَ الدَّمْعِ } من أجل البكاء من قولك دمعت عينه دمعاً . .
( فإن قلت ) : أي فرق بين { مِنْ } { وَمِنْ } في قوله : { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقّ } ( قلت ) : الأول لابتداء الغاية على أن فيض الدمع ابتدأ ونشأ من معرفة الحق ، وكان من أجله وسببه ، والثانية لتبيين الموصول الذي هو ما عرفوا ، ويحتمل معنى