@ 491 @ تشنيع وإيهام أن عيسى بن عمر قرأها من قبل نفسه ، وليس كذلك ، بل قراءته مستندة إلى الصحابة ، وإلى الرسول ، فقراءته قراءة الرسول أيضاً ، وقوله : وجميع الأمة ، لا يصح هذا الإطلاق ، لأن عيسى بن عمر وإبراهيم بن أبي عبلة ومن وافقهما ، وأشياخهم الذين أخذوا عنهم هذه القراءة هم من الأمة ، وقال سيبويه : وقد قرأ أناس ! 2 < والسارق والسارقة > 2 ! ^ ( والزانية والزاني ) ^ النور [ 2 ] فأخبر أنها قراءة ناس ، وقوله : وجميع الأمة لا يصح هذا العموم ، قال الفخر الرازي : الثاني من الوجوه التي تدل على فساد قول سيبويه ، أن القراءة بالنصب لو كانت أولى لوجب أن يكون في القراء من قرأ ! 2 < واللذان يأتيانها منكم فآذوهما > 2 ! النساء [ 186 ] بالنصب ، ولما لم يوجد في القراء أحد قرأ كذلك علمنا سقوط هذا القول قلت : لم يدع سيبويه أن قراءة النصب أولى ، فيلزمه ما ذكر ، وإنما قال سيبويه : وقد قرأ ناس ! 2 < والسارق والسارقة > 2 ! ^ ( والزانية والزاني ) ^ النور [ 2 ] وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوة ، ولكن أبت العامة إلا القراءة بالرفع ، ويعني سيبويه بقوله : من القوة لو عري من الفاء المقدر دخولها على خبر الاسم المرفوع على الابتداء ، وجملة الأمر خبره ، ولكن أبت العامة أي : جمهور القراء إلا الرفع ، لعلة دخول الفاء ، إذ لا يصح أن تكون جملة الأمر خبراً لهذا المبتدأ ، فلما دخلت الفاء رجح الجمهور الرفع ، ولذلك لما ذكر سيبويه ، اختيار النصب في الأمر والنهي لم يمثله بالفاء ، بل عارياً مثلاً ، قال سيبويه : وذلك قولك : زيداً اضربه ، وعمراً امرر به ، وخالداً اضرب أباه ، وزيداً اشتر له ثوباً ، ثم قال : وقد يكون في الأمر والنهي أن يبني الفعل على الاسم ، وذلك قوله : عبد الله فاضربه ، ابتدأت عبد الله ، فرفعت بالابتداء ، ونبهت المخاطب له ليعرفه باسمه ، ثم بينت الفعل عليه ، كما فعلت ذلك في الخبر ، فإذا قلت : زيداً فاضربه ، لم يستقم ، لم تحمله على الابتداء ، ألا ترى أنك لو قلت : زيد فمنطلق ، لم يستقم ، فهذا دليل على أنه لا يجوز أن يكون مبتدأ ، يعني مخبراً عنه بفعل الأمر المقرون بالفاء ، الجائز دخولها على الخبر ، ثم قال سيبويه : فإن شئت نصبته على شيء هذا يفسره ، لما منع سيبويه الرفع فيه على الابتداء ، وجملة الأمر خبره لأجل الفاء ، أجاز نصبه على الاشتغال ، لا على أن الفاء هي الداخلة في خبر المبتدأ ، وتلخيص ما يفهم من كلام سيبويه : أن الجملة الراقعة أمراً بغير فاء بعد اسم يختار فيه النصب ، ويجوز فيه الابتداء ، وجملة الأمر خبره ، فإن دخلت عليه الفاء ، فإما أن تقدرها الفاء الداخلة على الخبر ، أو عاطفة ، فإن قدرتها الداخلة على الخبر فلا يجوز أن يكون ذلك الاسم مبتدأ ، وجملة الأمر خبره ، إلا إذا كان المبتدأ أجرى مجرى الاسم الشرط لشبهه به ، وله شروط ذكرت في النحو ، وإن كانت عاطفة كان ذلك الاسم مرفوعاً ، إما مبتدأ كما تأول سيبويه ، في قوله ! 2 < والسارق والسارقة > 2 ! وإما خبر مبتدأ محذوف ، كما قيل : القمر والله فانظر إليه ، والنصب على هذا المعنى دون الرفع ، لأنك إذا نصبت احتجت إلى جملة فعلية تعطف عليها بالفاء ، وإلى حذف الفعل الناصب ، وإلى تحريف الفاء إلى غير محلها ، فإذا قلت : زيداً فاضربه ، فالتقدير : تنبه فاضرب زيداً اضربه ، حذفت تنبه ، وحذفت اضرب ، وأخرت الفاء إلى دخولها على المفسر ، وكان الرفع أولى ، لأنه ليس فيه إلا حذف مبتدأ ، أو حذف خبر ، فالمحذوف أحد جزأي الإسناد فقط ، والفاء واقعة في مواقعها ، ودل على ذلك المحذوف سياق الكلام ، والمعنى : قال سيبويه : وأما قوله عز وجل : ! 2 < الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما > 2 ! النور [ 2 ] ! 2 < والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما > 2 ! فإن هذا لم يبين على الفعل ، ولكنه جاء على مثل قوله تعالى ^ ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) ^ محمد [ 15 ] ثم قال بعد ! 2 < فيها أنهار > 2 ! محمد [ 15 ] فيها كذا وكذا ، فإنما وضع مثل للحديث الذي بعده ، وذكر بعد أخبار وأحاديث ، كأنه قال : ومن القصص مثل الجنة ، أو مما نقص عليكم مثل الجنة ، فهو محمول على هذا الإضمار ، أو نحوه والله أعلم ] وكذلك ! 2 < الزانية والزاني > 2 ! لما قال تعالى ! 2 < سورة أنزلناها وفرضناها > 2 ! قال في الفرائض ! 2 < الزانية والزاني > 2 ! أو الزانية والزاني في الفرائض ، ثم قال ! 2 < فاجلدوا > 2 ! فجاء بالفعل بعد أن مضى فيها الرفع ، كما قال : % ( وقائلة خولان فانكح فتاتهم % ) %