@ 490 @ وما كان هكذا لا تدخل الفاء في خبره عند سيبويه ، وقد أجاز ذلك جماعة من البصريين ، أعني : أن يكون ! 2 < والسارق والسارقة > 2 ! مبتدأ ، والخبر جملة الأمر أجروا أل وصلتها مجرى الموصول المذكور ، لأن المعنى فيه على العموم ، إذ معناه : الذي سرق والتي سرقت ، ولما كان مذهب سيبويه أنه لا يجوز ذلك تأويله على إضمار الخبر ، فيصير تأوله فيما فرض عليكم حكم السارق والسارقة ، جملة ظاهرها أن تكون مستقلة ، ولكن المقصود هو في قوله ! 2 < فاقطعوا > 2 ! فجيء بالفاء رابطة للجملة الثانية ، فالأولى موضحة للحكم المبهم في الجملة الأولى [ وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي عبلة ! 2 < والسارق والسارقة > 2 ! بالنصب على الاشتغال ، قال سيبويه : الوجه في كلام العرب النصب ، كما تقول : زيداً فاضربه ، ولكن أبت العامة إلا الرفع ، يعني عامة القراء وجلهم ، ولما كان معظم القراء على الرفع تأويله سيبويه على وجه يصح ، وهو أنه جعله مبتدأ ، والخبر محذوف ، لأنه لو جعله مبتدأ والخبر ! 2 < فاقطعوا > 2 ! لكان تخريجاً على غير الوجه في كلام العرب ، ولكان قد تدخل الفاء في خبر أل ، وهو لا يجوز عنده ، وقد تجاسر أبو عبد الله محمد بن عمر ، المدعو بالفخر الرازي ابن خطيب الري على سيبويه ، وقال عنه ما لم يقله ، فقال : الذي ذهب إليه سيبويه ليس بشيء ، ويدل على فساده وجوه ، الأول : أنه طعن في القراءة المنقولة بالمتواتر عن الرسول ، وعن أعلام الأمة ، وذلك باطل قطعاً ، قلت : هذا تقول على سيبويه ، وقلة فهم عنه ، ولم يطعن سيبويه على قراءة الرفع ، بل وجهها التوجيه المذكور ، وافهم أن المسألة ليست من باب الاشتغال المبني على جواز الابتداء فيه ، وكون جملة الأمر خبره ، أو لم ينصب الاسم ، إذ لو كانت منه لكان النصب أوجه ، كما كان في ، زيداً اضربه ، على ما تقرر في كلام العرب ، فكون جمهور القراء عدلوا إلى الرفع ، دليل على أنهم لم يجعلوا الرفع فيه على الابتداء المخبر عنه بفعل الأمر ، لأنه لا يجوز ذلك لأجل الفاء ، فقوله : أبت العامة إلا الرفع ، تقوية لتخريجه ، وتوهين للنصب على الاشتغال مع وجود الفاء ، لأن النصب على الاشتغال المرجح على الابتداء في مثل هذا التركيب لا يجوز إلا إذا جاز أن يكون مبتدأ مخبراً عنه بالفعل الذي يفسر العامل في الاشتغال ، وهنا لا يجوز ذلك لأجل الفاء الداخلة على الخبر ، فكان ينبغي أن لا يجوز النصب ، فمعنى كلام سيبويه : يقوي الرفع على ما ذكر ، فكيف يكون طاعنا في الرفع ، وقد قال سيبويه : وقد يحسن ويستقيم ، عبد الله فاضربه ، إذا كان مبنياً على مبتدأ مضمر ، أو مظهر ، فأما في المظهر فقولك : هذا زيد فاضربه ، وإن شئت لم تظهر هذا ، ويعمل عمله إذا كان مظهراً ، وذلك قولك : الهلال والله فانظر إليه ، فكأنك قلت : هذا الهلال ، ثم جئت بالأمر ، ومن ذلك قول الشاعر : % ( وقائلة خولان فانكح فتاتهم % وأكرومة الحيين خلو كما هيا ) % | هكذا سمع من العرب تنشده انتهى ، فإذا كان سيبويه يقول : وقد يحسن ويستقيم ، عبد الله فاضربه ، فكيف يكون طاعنا في الرفع ، وهو يقول : إنه يحسن ويستقيم ، لكنه جوزه على أن يكون المرفوع مبتدأ محذوف الخبر ، كما تأوله في ! 2 < السارق والسارقة > 2 ! أو خبر مبتدأ محذوف ، كقوله : الهلال والله فانظر إليه ، وقال الفخر الرازي ، فإن قلت : يعني سيبويه ، لا أقول إن القراءة بالرفع غير جائزة ، ولكني أقول : القراءة بالنصب أولى ، فنقول له : هذا أيضاً رديء ، لأن ترجيح القراءة التي لم يقرأ بها عيسى بن عمر على قراءة الرسول ، وجميع الأمة في عهد الصحابة والتابعين أمر منكر مردود قلت : هذا السؤال لم يقله سيبويه ، ولا هو ممن يقوله ، كيف يقوله ، وهو قد رجح قراءة الرفع على ما أوضحناه ، وأيضاً فقوله : لأن ترجيح القراءة التي لم يقرأ بها إلا عيسى بن عمر ، على قراءة الرسول ، وجميع الأمة في عهد الصحابة والتابعين