@ 464 @ والسدي : السلام هو الله تعالى ، وسبله دينه الذي شرعه . وقيل : طرق الجنة . وقرأ عبيد بن عمير ، والزهري ، وسلام ، وحميد ، ومسلم بن جندب : به الله بضم الهاء حيث وقع . وقرأ الحسن ، وابن شهاب : سبل ساكنة الباء . .
{ وَيُخْرِجُهُمْ مّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ } أي من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، أي بتمكينه وتسويغه . وقيل : ظلمات الجهل ونور العلم . .
{ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ } هو دين الله وتوحيده . وقيل : طريق الجنة . وقيل : طريق الحق ، وروي عن الحسن . والظاهر أنّ هذه الجمل كلها متقاربة المعنى ، وتكرر للتأكيد ، والفعل فيها مسند إليه تعالى . .
{ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } ظاهره أنهم قالوا بأن الله هو المسيح حقيقة ، وحقيقة ما حكاه تعالى عنهم ينافي أن يكون الله هو المسيح ، لأنهم قالوا ابن مريم ، ومن كان ابن امرأة مولوداً منها استحال أن يكون هو الله تعالى . واختلف المفسرون في تأويل هذه الآية . فذهب قوم إلى أنهم كلهم قائلون هذا القول وهم على ثلاث فرق كما تقدم ، وأنهم أجمعوا وإن اختلفت مقالاتهم على أنّ معبودهم جوهر واحد أقانيم ثلاثة : الأب ، والابن ، والروح أي الحياة ويسمونها روح القدس . وأن الابن لم يزل مولوداً من الأب ، ولم يزل الأب والداً للابن ، ولم تزل الروح منتقلة بين الأب والابن . وأجمعوا على أن المسيح لاهوت وناسوت أي : إله وإنسان . فإذا قالوا : المسيح إله واحد ، فقد قالوا الله هو المسيح . وذهب قوم إلى أنّ القائلين هذا القول فرقة غير معينة يقولون : إن الكلمة اتخذت بعيسى سواء قدرت ذاتاً أم صفة . وذهب قوم إل أنّ اليعقوبية من النصارى هي القائلة بهذه المقالة ، ذكره البغوي في معالم التنزيل . .
قال بعض المفسرين : وكل طوائفهم الثلاثة اليعقوبية ، والملكانية ، والنسطورية ، ينكرون هذه المقالة ، والذي يقرون به أن عيسى ابن الله تعالى ، وأنه إله . وإذا اعتقدوا فيه أنه إله لزم من ذلك قولهم بأنه الله انتهى . وقد رأيت من نصارى بلاد الأندلس من كان ينتمي إلى العلم فيهم ، وذكر لي أنّ عيسى نفسه هو الله تعالى ، ونصارى الأندلس ملكية . قلت له : كيف تقول ذلك ، ومن المتفق عليه أن عيسى كأن يأكل ويشرب ، فتعجب من قولي وقال : إذا كنت أنت بعض مخلوقات الله قادراً على أن تأكل وتشرب ، فكيف لا يكون الله قادراً على ذلك ؟ فاستدللت من ذلك على فرط غباوته وجهله بصفات الله تعالى . وذهب ابن عباس إلى نهم أهل نجران ، وزعم طائفة منهم أنه إله الأرض ، والله إله السماء . ومن بعض اعتقادات النصارى استنبط من تستر بالإسلام ظاهراً وانتمى إلى الصوفية حلول الله تعالى في الصور الجميلة ، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة : كالحلاج ، والشوذى ، وابن أحلى ، وابن العربي المقيم كان بدمشق ، وابن الفارض . وأتباع هؤلاء كابن سبعين ، والتستري تلميذه ، وابن مطرف المقيم بمرسية ، والصفار