@ 452 @ وأحمد : يجزىء ، وأنّ المسح يجزىء ولو بأصبع واحدة . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد : لا يجزىء بأقل من ثلاث أصابع . والظاهر أنه لو غسل رأسه لم يجزه ، لأن الغسل ليس هو المأمور به وهو قول : أبي العباس بن القاضي من الشافعية ، ويقتضيه مذهب الظاهرية . وقال ابن العربي : لا نعلم خلافاً في أنّ الغسل يجزيه من المسح إلا ما روى لنا الشاشي في الدرس عن ابن القاضي أنه لا يجزئه . .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر ، وهي قراءة أنس ، وعكرمة ، والشعبي ، والباقر ، وقتادة ، وعلقمة ، والضحاك : وأرجلِكم بالخفض . والظاهر من هذه القراءة اندراج الأرجل في المسح مع الرأس . وروى وجوب مسح الرجلين عن : ابن عباس ، وأنس ، وعكرمة ، والشعبي ، وأبي جعفر الباقر ، وهو مذهب الإمامية من الشيعة . وقال جمهور الفقهاء : فرضهما الغسل . وقال داود : يجب الجمع بين المسح والغسل ، وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية . وقال الحسن البصري ، وابن جرير الطبري : يخير بين المسح والغسل ومن أوجب الغسل تأول أنّ الجر هو خفض على الجواز ، وهو تأويل ضعيف جداً ، ولم يرد إلا في النعت ، حيث لا يلبس على خلاف فيه قد قرر في علم العربية ، أو تأول على أنّ الأرجل مجرورة بفعل محذوف يتعدى بالباء أي : وافعلوا بأرجلكم الغسل ، وحذف الفعل وحرف الجرّ ، وهذا تأويل في غاية الضعف . أو تأول على أنّ الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة مظنة الإسراف المذموم المنهى عنه ، فعطف على الرابع الممسوح لا ليمسح ، ولكن لينبّه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها . وقيل : إلى الكعبين ، فجيء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة ، لأنّ المسح لم يضرب له غاية انتهى هذا التأويل . وهو كما ترى في غاية التلفيق وتعمية في الأحكام . وروي عن أبي زيد : أن العرب تسمي الغسل الخفيف مسحاً ويقولون : تمسحت للصلاة بمعنى غسلت أعضائي . .
وقرأ نافع ، والكسائي ، وابن عامر ، وحفص : وأرجلكم بالنصب . واختلفوا في تخريج هذه القراءة ، فقيل : هو معطوف على قوله : وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين ، وفيه الفصل بين المتعاطفين بجملة ليست باعتراض ، بل هي منشئة حكماً . وقال أبو البقاء : هذا جائز بلا خلاف . وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور : وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، قال : وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، فدل قوله هذا على أنه ينزه كتاب الله عن هذا التخريج . وهذا تخريج من يرى أنّ فرض الرجلين هو الغسل ، وأما مَن يرى المسح فيجعله معطوفاً على موضع برؤوسكم ، ويجعل قراءة النصب كقراءة الجرِّ دالة على المسح . وقرأ الحسن : وأرجلكم بالرفع ، وهو مبتدأ محذوف الخبر أي : اغسلوها إلى الكعبين على تأويل من يغسل ، أو ممسوحة إلى الكعبين على تأويل من يمسح . وتقدم مدلول الكعب . قال ابن عطية : قول الجمهور هما حدّ الوضوء بإجماع فيما علمت ، ولا أعلم أحداً جعل حدّ الوضوء إلى العظم الذي في وجه القدم . وقال غيره : قالت الإمامية : وكل من ذهب إلى وجوب مسح الكعب هو الذي في وجه القدم ، فيكون المسح مغياً به . وقال ابن عطية : روى أشهب عن مالك : الكعبان هما العظمان الملتصقان بالساق المحاذيان للعقب ، وليس الكعب بالظاهر الذي في وجه القدم ، ويظهر ذلك من الآية في قوله : في الأيدي إلى المرافق ، إذ في كل يد مرفق . ولو كان كذلك في الأرجل لقيل إلى الكعوب ، فلما كان في كل رجل كعبان خصتا بالذكر انتهى . ولا دليل في قوله في الآية على أن موالاة أفعال الوضوء ليست بشرط في صحته لقبول الآية التقسيم في قولك : متوالياً وغير متوال ، وهو مشهور مذهب أبي حنيفة ومالك ، وروي عن مالك والشافعي في القديم : أنها شرط . وعلى أن الترتيب في الأفعال ليس بشرط لعطفها بالواو وهو مذهب مالك وأبي حنيفة ، ومذهب الشافعي أنه شرط واستيفاء حجج . هذه المسائل مذكورة في الفقه ، ولم تتعرّض الآية للنص على الأذنين . فمذهب أبي حنيفة وأصحابه والثوري ، والأوزاعي ، ومالك فيما روى عنه أشهب وابن القاسم : أنهما من الرأس فيمسحان . وقال الزهري : هما من الوجه فيغسلان معه . وقال الشافعي : من الوجه هما عضو قائم بنفسه ، ليسا من الوجه ولا من الرأس ، ويمسحان بماء جديد . وقيل : ما أقبل منهما من الوجه وما أدبر من الرأس ، وعلى هذه الأقوال تبنى فرضية المسح