@ 412 @ الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة يسدها من بعدهم وخرقاً يرفوه من يلحق بهم انتهى . ويعني بقوله : من لم ينظر في الكتاب كتاب سيبويه رحمه الله فإن اسم الكتاب علم عليه ، ولجهل من يقدم على تفسير كتاب الله وإعراب ألفاظه بغير أحكام علم النحو ، جوّزوا في عطف والمقيمين وجوهاً : أحدها : أن يكون معطوفاً على بما أنزل إليك ، أي يؤمنون بالكتب وبالمقيمين الصلاة . واختلفوا في هذا الوجه من المعنيّ بالمقيمين الصلاة ، فقيل : الأنبياء ذكره الزمخشري وابن عطية . وقيل : الملائكة ذكره ابن عطية . وقيل : المسلمون ، والتقدير : وندب المقيمين ، ذكر ابن عطية معناه . والوجه الثاني : أن يكون معطوفاً على الضمير في منهم أي : لكن الراسخون في العلم منهم ، ومن المقيمين ذكره ابن عطية على قوم لم يسمهم . الوجه الثالث : أن يكون معطوفاً على الكاف في أولئك أي : ما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة . الوجه الرابع : أن يكون معطوفاً على كاف قبلك على حذف مضاف التقدير : وما أنزل من قبلك وقيل : المقيمين الصلاة . الوجه الخامس : أن يكون معطوفاً على كاف قبلك ويعني الأنبياء ، ذكره ابن عطية . وقال ابن عطية : فرق بين الآية والبيت يعني بيت الخرنق ، وكان أنشده قبل وهو : % ( النازلين بكل معترك % .
والطيبون معاقد الأزر .
) % .
بحرف العطف الذي في الآية ، فإنه يمنع عند بعضهم تقدير الفعل وفي هذا نظر انتهى . إنْ منع ذلك أحد فهو محجوج بثبوت ذلك في كلام العرب مع حرف العطف ، ولا نظر في ذلك كما قال ابن عطية . قال الشاعر : % ( ويأوي إلى نسوة عطل % .
وشعث مراضيع مثل السعالى .
) % .
وكذلك جوزوا في قوله تعالى : والمؤتون الزكاة ، وجوهاً على غير الوجه الذي ذكرناه : من أنه ارتفع على خبر مبتدأ محذوف على سبيل قطع الصفات في المدح : أحدها : أنه معطوف على الراسخون . الثاني : على الضمير المستكن في المؤمنون . الثالث : على الضمير في يؤمنون . الرابع : أنه مبتدأ وما بعده الخبر وهو اسم الإشارة وما يليه . وأما المؤمنون بالله فعطف على والمؤتون الزكاة على الوجه الذي اخترناه في رفع والمؤتون . .
ولما ذكر أولاً والمؤمنون تضمن الإيمان بما يجب أن يؤمن به ، ثم أخبر عنهم وعن الراسخين أنهم يؤمنون بالقرآن وبالكتب المنزلة ، ثم وصفهم بصفات المدح من امتثال أشرف أوصاف الإيمان الفعلية البدنية وهي : الصلاة ، والمالية وهي الزكاة ، ثم ارتقى في المدح إلى أشرف الأوصاف القلبية الاعتقادية وهي الإيمان بالموحد الذي أنزل الكتب وشرع فيها الصلاة والزكاة ، وباليوم الآخر وهو البعث والمعاد الذي يظهر فيه ثمرة الإيمان وامتثال تكاليف الشرع من الصلاة والزكاة وغيرهما . ثم إنه لما استوفى ذلك أخبر تعالى أنه سيؤتيهم أجراً عظيماً وهو ما رتب تعالى على هذه الأوصاف الجليلة التي وصفهم بها ، وأشار إليهم بأولئك ، ليدل على مجموع تلك الأوصاف . ومن أعرب والمؤمنون بالله مبتدأ أو خبره ما بعده ، فهو بمعزل عن إدراك الفصاحة . والأجود إعراب أولئك مبتدأ ، ومن نصبه بإضمارفعل تفسيره ما بعده : أنه سيؤتى أولئك