@ 113 @ كتاباهما في التفسير قد أنجدا وأغارا ، وأشرقا في سماء هذا العلم وأنارا ، وتنزلا من الكتب التفسيرية منزلة الإنسانية من العين ، والذهب الا بريز من العين ، ويتيمة الدر من اللالي ، وليلة القدر من الليالي ، فعكف الناس شرقا وغربا عليهما ، وثنوا أعنه الاعتناء إليهما ، وكان فيهما على جلالتهما مجال لانتقاد ذوي التبريز ، ومسرح للتخييل فيهما والتمييز ، ثنيت إليهما عنان الانتقاد ، وحللت ما تخيل الناس فيهما من الاعتقاد ، أنهما في التفسير الغاية التي لا تدرك ، والمسلك الوعر الذي لا يكاد يسلك ، وعرضتهما على محك النظر ، وأرويت فيهما نار الفكر ، حتى خلص دسيسهما ، وبرز نفيسهما ، وسيرى ذلك من هو للنظر أهل ، واجتمع فيه إنصاف وعدل ، فإنه يتعجب من التولج على الضراغم ، والتحرز لأشبالها والأنف راغم ، إذ هذان الرجلان هما فارسا علم التفسير ، وممارسا تحريره والتحبير ، نشراه نشراً ، وطار لهما به ذكراً ، وكانا متعاصرين في الحياة ، متقاربين في الممات ( ولد أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري ) ( ( بزمخشر ) ) قرية من قرى خوارزم يوم الأربعاء السابع عشر لرجب سنة سبع وستين وأربعمائة ( وتوفي بكركانج ) قصبة ( ( خوارزم ) ) ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ( وولد أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عبد الرؤوف بن عبد الله بن تمام بن عطية المحاربي من أهل غرناطة ) سنة إحدى وثمانين وأربعمائة وتوفي بلورقة في الخامس والعشرين لرمضان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة هكذا ذكره القاضي ابن أبي جمرة في وفاة ابن عطية وقال الحافظ أبو القاسم بن بشكوال : توفي يعني ( ( ابن عطية ) ) سنة اثنين وأربعين وخمسمائة ، وكتاب ابن عطية أنقل وأجمع وأخلص ، وكتاب الزمخشري ألخص وأغوص ، إلا أن الزمخشري قائل بالطفرة ، ومقتصر من الذؤابة على الوفرة ، فربما سنح له آبي المقادة فأعجزه اعتياصه ، ولم يمكنه لتأنيه اقتناصه ، فتركه عقلاً لمن يصطاده ، وغفلاً لمن يرتاده ، وربما ناقض هذا المنزع فثنى العنان إلى الواضح ، والسهل اللائح ، وأجال فيه كلاماً ، ورمى نحو غرضه سهاماً ، هذا مع ما في كتابه من نصره مذهبه ، وتقحم مرتكبه ، وتجشم حمل كتاب الله عز وجل عليه ، ونسبه ذلك إليه ، فمغتفر إساءته لإحسانه ، ومصفوح عن سقطه في بعض لإصابته في أكثر تبيانه . فما كان في كتابي هذا من تفسير الزمخشري رحمه الله تعالى فأخبرني به أستاذنا العلامة أبو