@ 112 @ النفس دراً كالمجة وإن لطف شأنها ، منتبهاً على الرمزة وإن خفي مكانها ، لا كزاً جاسياً ، ولا غليظاً جافياً ، متصرفاً ذا درية بأساليب النظم والنثر ، مرتاضاً غير ريض بتلقيح نبات الفكر ، قد علم كيف يرتب الكلام ويؤلف ، وكيف نظم ويرصف ، طالما دفع إلى مضايقه ، ووقع في مداحضة ومزالقه ، انتهى كلام ( ( الزمخشري ) ) في وصف متعاطي تفسير القرآن ، وأنت ترى هذا الكلام وما احتوى عليه من الترصيف الذي يبهر بجنسه الأدباء ، ويقهر بفصاحته البلغاء ، وهو شاهد له بأهليته للنظر في تفسير القرآن ، واستخراج لطائف الفرقان . [ حديثه عن الزمخشري وابن عطية ] | وهذا ( ( أبو القاسم محمود بن عمر المشرقي الخوارزمي الزمخشري ) ) ، و ( ( أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي ) ) المغربي الغرناطي ، أجل من صنف في علم التفسير ، وأفضل من تعرض للتنقيح فيه والتحرير ، وقد اشتهرا ولا كاشتهار الشمس ، وخلدا في الأحياء وإن هدا في الرمس ، وكلامهما فيه يدل على تقديمها في علوم ، من منثور ومنظوم ، ومنقول ومفهوم ، وتقلب في فنون الآداب ، وتمكن من علمي المعاني والإعراب ، وفي خطبتي كتابيهما وفي غضون كتاب ( ( الزمخشري ) ) ما يدل على أنهما فارسا ميدان ، وممارسا فصاحة وبيان ، وللزمخشري تصانيف غير تفسيره ، منها ( ( الفائض ) ) في لغات الحديث ، و ( ( مختلف الأسماء ومؤتلفها ) ) ، و ( ( ربيع الأبرار ) ) ، و ( ( الرائض في الفرائض ) ) ، و ( ( المفصل ) ) وغير ذلك ، وقد ذكر الوزير أبو نصر الفتح بن خاقان الأشبيلي في كتابه المسمى ( ( قلائد العقيان ومحاسن الأعيان ) ) أبا محمد بن عطية فقال فيه : نبعة روح العلا ، ومحرز ملابس الثنا ، فذ الجلالة ، وواحد العصر والأصالة ، وقار كما رسا الهضب وأدب كما اطرد السلسل العذب ، أثره في كل معرفة علم في رأسه نار ، وطوالعه في آفاقها صبح ونهار ، وقد أثبت من نظمه ما ينفخ عبيراً ، ويتضح منيراً ، وأورد له نثراً كما نظم قلائد ، ونظماً تزدان بمثله أجياد الولائد ، من ألفاظ عذبة تستنزل برقتها العصم ومعان مبتكرة تفحم الألد الخصم ، أبقت له ذكراً مخلداً على جبين الدهر ، وعرفاً أرجاً كتضوع الزهر ، ولما كان