@ 240 @ له العبادة ، لأن أصل العبادة هو التوحيد . قال الزمخشري : متعلق بلعل ، على أن ينتصب تجعلوا انتصاب فأطَّلِعَ في قوله : { لَّعَلّى أَبْلُغُ الاْسْبَابَ * أَسْبَابَ * السَّمَاوَاتِ * فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَاهِ مُوسَى } ، في رواية حفص عن عاصم ، أي خلقكم لكي تتقوا وتخافوا عقابه فلا تشبهوه بخلقه ، انتهى كلامه . فعلى هذا لا تكون لا ناهية بل نافية ، وتجعلوا منصوب على جواب الترجي ، وهو لا يجوز على مذهب البصريين ، إنما ذهب إلى جواز ذلك الكوفيون ، أجروا لعل مجرى هل . فكما أن الاستفهام ينصب الفعل في جوابه فكذلك الترجي . فهذا التخريج الذي أخرجه الزمخشري لا يجوز على مذهب البصريين ، وفي كلامه تعليق لعلكم تتقون بخلقكم ، ألا ترى إلى تقديره أي خلقكم لكي تتقوا وتخافوا عقابه ؟ فلا تشبهوه بخلقه ، وهو جار على ما مر من مذهبه الاعتزالي ، ويجوز أن يكون متعلقاً بالذي إذا جعلته خبر مبتدأ محذوف ، أي هو الذي جعل لكم هذه الآيات العظيمة والدلائل النيرة الشاهدة بالوحدانية ، فلا تجعلوا له أنداداً . والظاهر في هذا القول هو ما قدمناه أولاً من تعلقه بقوله : { اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } . .
{ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } : جملة حالية ، وفيها من التحريك إلى ترك الأنداد وإفراد الله بالوحدانية ما لا يخفى ، أي أنتم من ذوي العلم والتمييز بين الحقائق والإدراك للطائف الأشياء والاستخراج لغوامض الدلائل ، في الرتبة التي لا تليق لمن تحلى بها أن يجعل لله نداً وهو خلقه . إذ ذاك فعل من كان أجهل العالم وأبعدهم عن الفطنة وأكثرهم تجويزاً للمستحيلات . ومفعول تعلمون متروك لأن المقصود إثبات أنهم من أهل العلم والمعرفة . والتمييز تخصيص العلم بشيء ، قال معناه ابن قتيبة ، لأنه فسر تعلمون بمعنى تعقلون ، وقيل : هو محذوف اختصاراً تقديره : وأنتم تعلمون أنه خلق السموات وأنزل الماء ، وفعل ما شرحه في هذه الآيات . ومعنى هذا مروي عن ابن عباس وقتادة ومقاتل ، أو أنتم تعلمون أنه ليس ذلك في كتابيكم التوراة والإنجيل . وروي ذلك أيضاً عن ابن عباس ، أو أنه لا ند له ، قاله مجاهد ، أو أنتم تعلمون أنه لا يقدر على فعل ما ذكره أحد سواه ، ذكره علي بن عبيد الله ، أو وأنتم تعلمون أنها حجارة ، قاله أبو محمد بن الخشاب ، أو وأنتم تعلمون ما بينه وبينها من التفاوت ، أو وأنتم تعلمون أنها لا تفعل مثل أفعاله كقوله : { هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء } ؟ قالهما الزمخشري والمخاطب بقوله : فلا تجعلوا ظاهره أنه للناس المأمورين باعبدوا ربكم ، وقد تقدمت أقاويل السلف في ذلك . .
قال ابن فورك : ويحتمل أن يكون الخطاب للمؤمنين ، المعنى : فلا ترتدوا أيها المؤمنون وتجعلوا لله أنداداً بعد علمكم أن العلم هو نفي الجهل بأن الله واحد . قال أبو محمد بن عطية ، هذه الآية تعطي أن الله تعالى أغنى الإنسان بنعمه هذه عن كل مخلوق ، فمن أحوج نفسه إلى بشر مثله بسبب الحرص والأمل والرغبة في زخرف الدنيا ، فقد أخذ بطرف من جعل نداً ، انتهى . وقول أبي