@ 239 @ يكون رزقاً لنا ، وإن كانت للتبعيض كان بعض الثمار رزقاً لنا وبعضها لا يكون رزقاً لنا ، وهو الواقع . وناسب في الآية تنكير الماء وكون من دالة على التبعيض وتنكير الرزق ، إذ المعنى : وأنزل من السماء بعض الماء فأخرج به بعض الثمرات بعض رزق لكم ، إذ ليس جميع رزقهم هو بعض الثمرات ، إنما ذلك بعض رزقهم ، ومن الثمرات يحتمل أن يكون في موضع المفعول به بأخرج ، ويكون على هذا رزقاً منصوباً على الحال إن أُريد به المرزوق كالطحن والرعي ، أو مفعولاً من أجله إن أريد به المصدر ، وشروط المفعول له فيه موجودة ، ويحتمل أن يكون متعلقاً بأخرج ، ويكون رزقاً مفعولاً بأخرج . وقرأ ابن السميفع : من الثمرة على التوحيد ، يريد به الجمع كقولهم : فلان أدركت ثمرة بستانه ، يريدون ثماره . وقولهم : للقصيدة كلمة ، وللقرية مدرة ، لا يريدون بذلك الإفراد . ولكم : إن أريد بالرزق المصدر كانت الكاف مفعولاً به واللام منوية لتعدّي المصدر إليه نحو : ضربت ابني تأديباً له ، أي تأديبه ، وإن أريد به المرزوق كان في موضع الصفة فتتعلق اللام بمحذوف ، أي كائناً لكم ، ويحتمل أن تكون لكم متعلقاً بأخرج ، أي فأخرج لكم به من الثمرات رزقاً . وانتهى عند قوله : رزقاً لكم ذكر خمسة أنواع من الدلائل : اثنين من الأنفس خلقهم وخلق من قبلهم ، وثلاثة من غير الأنفس كون الأرض فراشاً وكون السماء بناءً ، والحاصل من مجموعهما تقدم خلق الإنسان لأنه أقرب إلى معرفته ، وثنّى بخلق الآباء ، وثلث بالأرض لأنها أقرب إليه من السماء ، وقدّم السماء على نزول المطر وإخراج الثمرات ، لأن هذا كالأمر المتولد بين السماء والأرض والأثر متأخر عن المؤثر . وقيل : قدم المكلفين لأن خلقهم أحياء قادرين أصل لجميع النعم . وأما خلق السماء والأرض والماء والثمر ، فإنما ينتفع به بشرط حصول الخلق والحياة والقدرة والشهوة والعقل . وقد اختلف أيهما أفضل ، ومن قال السماء أفضل قال : لأنها متعبد الملائكة وما فيها من بقعة عصى الله فيه ، ولأن آدم لما عصاه قال : لا تسكن جواري ، ولتقديم السماء على الأرض في أكثر الآيات ، ولأن فيها العرش والكرسي واللوح المحفوظ والقلم ، وأنها قبلة الدعاء . ومن قال الأرض أفضل قال : لأن الله وصف منها بقاعاً بالبركة ، ولأن الأنبياء مخلوقون منها ، ولأنها مسجد وطهور . .
{ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً } ظاهره أنه نهى عن اتخاذ الأنداد ، وسموا أنداداً على جهة المجاز من حيث أشركوهم معه تعالى في التسمية بالإلهية ، والعبادة صورة لا حقيقة لأنهم لم يكونوا يعبدونهم لذواتهم بل للتقرب إلى الله تعالى ، وكانوا يسمون الله إله الآلهة ورب الأرباب ، ومن شابه شيئاً في وصف مّا قيل : هو مثله وشبهه ونده في ذلك الوصف دون بقية أوصافه ، والنهي عن اتخاذ الأنداد بصورة الجمع هو على حسب الواقع لأنهم لم يتخذوا له تعالى نداً واحداً ، وإنما جعلوا له أنداداً كثيرة ، فجاء النهي على ما كانوا اتخذوه ، ولذلك قال زيد بن عمرو بن نفيل : % ( أرباً واحداً أم ألف رب % .
أدين إذا تقسمت الأمور .
) % .
وقرأ زيد بن علي بن محمد بن السميفع : نداً على التوحيد ، وهو مفرد في سياق النهي ، فالمراد به العموم ، إذ ليس المعنى : فلا تجعلوا لله نداً واحداً بل أنداداً ، وهذا النهي متعلق في بالأمر قوله : { اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } ، أي فوحدوه وأخلصوا