@ 268 @ بالجنب الذين لم يغتسلوا ، كأنه قيل : لا تقربوا الصلاة غير مغتسلين حتى تغتسلوا ، إلا أن تكونوا مسافرين انتهى كلامه . ومن قال : بمنع الجنب من المرور في المسجد والجلوس فيه تعظيماً له ، فالأولى أن يمنعه والحائض من قراءة القرآن ، وبه قال الجمهور ، فلا يجوز لهما أن يقرآ منه شيئاً سواء كان كثيراً أم قليلاً حتى يغتسلا ، ورخص مالك لهما في الآية اليسيرة للتعوذ ، وأجاز للحائض أن تقرأ مطلقاً إذا خافت النسيان عند الحيض ، وذكروا هذه المسألة ولا تعلق لها في التفسير بلفظ القرآن . .
{ حَتَّى تَغْتَسِلُواْ } هذه غاية لامتناع الجنب من الصلاة ، وهي داخلة في الحظر إلى أن يوقع الاغتسال مستوعباً جميعه . والخلاف : هل يدخل في ماهية الغسل إمرار اليد أو شبهها مع الماء على المغسول ؟ فلو انغمس في الماء أو صبه عليه فمشهور مذهب مالك : أنه لا يجزئه حتى يتدلك ، وبه قال المزني : ومذهب الجمهور : أنه يجزئه من غير تدلك . وهل يجب في الغسل تخليل اللحية ؟ فيه عن مالك خلاف . وأما المضمضة والاستنشاق في الغسل فذهب أبو حنيفة إلى فرضيتهما فيه لا في الوضوء . وقال ابن أبي ليلى وإسحاق وأحمد وبعض أصحاب داود : هما فرض فيهما . وروي عن عطاء ، والزهي وقال مجاهد وجماعة من التابعين ، ومالك ، والأوزاعي ، والليث ، والشافعي ، ومحمد بن جرير : ليسا بفرض فيهما . وروي عن أحمد : أن المضمضة سنة ، والاستنشاق فرض ، وقال به بعض أصحاب داود . وظاهر قوله : حتى تغتسلوا حصول الاغتسال ، ولم يشترط فيه نية الاغتسال ، بل ذكر حصول مطلق الاغتسال ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه في كل طهارة بالماء . وروي هذا الوليد بن مسلم عن مالك ، ومشهور مذهبه أنه لا بد من النية ، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور . .
{ وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مّنْكُمْ مّن الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ } قال الجمهور : نزلت بسبب عدم الصحابة الماء في غزوة المريسيع ، حين أقام على التماس العقد . وقال النخعي : في قوم أصابتهم جراح وأجنبوا . وقيل : كان ذلك عبد الرحمن بن عوف ، ومرضى يعني في الحضر . ويدل على مطلق المرض قل أو كثر ، زاد أو نقص ، تأخر برؤه أو تعجل ، وبه قال داود . فأجاز التيمم لكل من صدق عليه مطلق الاسم . وخصص العلماء غيره المرض بالجدري ، والحصبة ، والعلل المخوف عليها من الماء فقالوا : إن خاف تيمم بلا خلاف ، إلا ما روي عن عطاء والحسن : أنه يتطهر وإن مات ، وهما محجوجان بحديث عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل ، وأنه أشفق أن يهلك إن اغتسل فتيمم ، فأقرّه الرسول صلى الله عليه وسلم ) على ذلك ، خرجه أبو داود والدارقطني . .
وإن خاف حدوث مرض أو زيادته ، أو تأخر البرء ، فذهب أبو حنيفة ومالك : إلى أنه يتيمم . وقال الشافعي : لا يجوز ، وقيل : الصحيح عن الشافعي أنه إذا خاف طول المرض جاز له التيمم . وظاهر قوله تعالى : أو على سفر مطلق السفر ، فلو لم يجد الماء في الحضر جاز له التيمم عند مالك وأبي حنيفة ومحمد . وقال الشافعي والطبري : لا يتيمم . وقال الليث والشافعي أيضاً : إن خاف فوت الوقت تيمم وصلى ، ثم إذا وجد الماء أعاد . وقال أبو يوسف وزفر : لا يتيمم إلا لخوف الوقت . والسفر المبيح عند الجمهور مطلق السفر ، سواء أكان مما تقصر فيه الصلاة أو لا تقصر . وشرط قوم سفراً تقصر فيه الصلاة ، وشرط آخرون أن يكون سفر طاعة . وقال أبو حنيفة : لو خرج من مصره لغير سفر فلم يجد الماء جاز له التيمم ، وقد المسافة أن يكون بينه وبين الماء ميل . وقيل : إذا كان بحيث لا يسمع أصوات الناس ، لأنه في معنى المسافر . فلو وجد ماء قليلاً إن توضأ به خاف على نفسه العطش تيمم على قول الجمهور ، فلو وجده بثمن مثله فلا خلاف أنه يلزمه شراؤه ، أو بما زاد . فمذهب أبي حنيفة والشافعي . يتيمم . ومذهب مالك : يشتريه بماله كله ويبقى عديماً . فلو حال بينه وبين الماء عدو أو سبع أو غير ذلك مما يحول فكالعادم للماء . .
ومجيئه من الغائط كناية عن الحدث