@ 238 @ ليس بشيء . وقيل : انتصب على إسقاط حرف الجر ، والتقدير : من شيء ضعيف ، أي من طين ، أو من نطفة وعلقة ومضغة . ولما حذف الموصوف والجابر انتصبت الصفة بالفعل نفسه . قال ابن عطية : ويصح أن يكون خلق بمعنى جعل ، فيكسبها ذلك قوّة التعدي إلى مفعولين ، فيكون قوله : ضعيفاً مفعولاً ثانياً انتهى . وهذا هو الذي ذكره من أنّ خلق يتعدى إلى اثنين بجعلها بمعنى جعل ، لا أعلم أحداً من النحويين ذهب إلى ذلك ، بل الذي ذكر الناس أنّ من أقسام جعل أن يكونن بمعنى خلق ، فيتعدّى إلى مفعول واحد ، كقوله تعالى : { وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } أما العكس فلم يذهب إلى ذلك أحد فيما علمناه ، والمتأخرون الذين تتبعوا هذه الأفعال لم يذكروا ذلك . وقد تضمنت هذه الآيات أنواعاً من البيان والبديع . منها : التجوّز بإطلاق اسم الكل على البعض في قوله : يأتين الفاحشة ، لأن أل تستغرق كل فاحشة وليس المراد بل بعضها ، وإنما أطلق على البعض اسم الكل تعظيماً لقبحه وفحشه ، فإن كان العرف في الفاحشة الزنا ، فليس من هذا الباب إذ تكون الألف واللام للعهد . والتجوّز بالمراد من المطلق بعض مدلوله في قوله : فآذوهما إذ فسر بالتعيير أو الضرب بالنعال ، أو الجمع بينهما ، وبقوله : سبيلاً والمراد الحد ، أو رجم المحصن . وبقوله : فأعرضوا عنهما أي اتركوهما . وإسناد الفعل إلى غير فاعله في قوله : حتى يتوفاهنّ الموت ، وفي قوله : حتى إذا حضر أحدهم الموت . والتجنيس المغاير في : إن تابا إن الله كان توّاباً ، وفي : أرضعنكم ومن الرضاعة ، وفي : محصنات فإذا أحصنّ . والتجنيس المماثل في : فإن كرهتموهنّ فعسى أن تكرهوا ، وفي : ولا تنكحوا ما نكح . والتكرار في : اسم الله في مواضع ، وفي : إنما التوبة وليست التوبة ، وفي : زوج مكان زوج ، وفي : أمّهاتكم وأمّهاتكم اللاتي ، وفي : إلا ما قد سلف ، وفي : المؤمنات في قوله : المحصنات المؤمنات ، وفي : فتياتكم المؤمنات ، وفي : فريضة ومن بعد الفريضة ، وفي : المحصنات من النساء والمحصنات ، ونصف ما على المحصنات ، وفي : بعضكم من بعض ، وفي : يريد في أربعة مواضع ، وفي : يتوب وأن يتوب ، وفي : إطلاق المستقبل على الماضي ، في : واللاتي يأتين الفاحشة وفي : واللذان يأتيانها منكم ، وفي : يعملون السوء وفي : ثم يتوبون ، وفي : يريد وفي : ليبين ، لأن إرادة الله وبيانه قديمان ، إذ تبيانه في كتبه المنزلة والإرادة والكلام من صفات ذاته وهي قديمة . والإشارة والإيماء في قوله ؛ كرهاً ، فإن تحريم الإرث كرهاً يومىء إلى جوازه طوعاً ، وقد صرح بذلك في قوله : فإن طين ، وفي قوله : ولا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ ، فله أن يعضلها على غير هذه الصفة لمصلحة لها تتعلق بها ، أو بمالها ، وفي : أنه كان فاحشة أومأ إلى نكاح الأبناء في الجاهلية نساء الآباء ، وفي : أحل لكم ما وراء ذلكم إشارة إلى ما تقدم في المحرمات ، ذلك لمن خشي العنت إشارة إلى تزويج الإماء . والمبالغة في تفخيم الأمر وتأكيده في قوله : وآتيتم إحداهنّ قنطاراً عظم الأمر حتى ينتهي عنه . والاستعارة في قوله : وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ، استعار الأخذ للوثوق بالميثاق والتمسك به ، والميثاق معنى لا يتهيأ فيه الأخذ حقيقة ، وفي : كتاب الله عليكم أي فرض الله ، استعار للفرض لفظ الكتاب لثبوته وتقريره ، فدل بالأمر المحسوس على المعنى المعقول . وفي : محصنين ، استعار لفظ الإحصان وهو الامتناع في المكان الحصين للامتناع بالعقاب ، واستعار لكثرة الزنا السفح وهو صب الماء في الأنهار والعيون بتدفق وسرعة ، وكذلك : فآتوهن أجورهن استعار لفظ الأجور للمهور ، والأجر هو ما يدل على عمل ، فجعل تمكين المرأة من الانتفاع بها كأنه عمل تعمله . وفي قوله : طولاً استعارة للمهر يتوصل به للغرض ، والطول وهو الفضل يتوصل به إلى معالي الأمور . وفي قوله : يتبعون الشهوات استعار الاتباع والميل اللذين هما حقيقة في الإجرام لموافقة هوى النفس المؤدي إلى الخروج عن الحق . وفي قوله : أن يخفف ، والتخفيف أصله من خفة الوزن وثقل الجرم ، وتخفيف التكاليف رفع مشاقها من النفس ، وذلك من