@ 220 @ أغلب ما يكون الربائب ، وهي محرمة وإن لم تكن في الحجر . وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما فائدة قوله : في حجوركم ؟ ( قلت ) فائدته التعليل للتحريم ، وأنهن لاحتضانكم لهن ، أو لكونهن بصدد احتضانكم . وفي حكم التقلب في حجوركم إذا دخلتم بأمهاتهن ، وتمكن حكم الزواج بدخولكم جرت أولادهن مجرى أولادكم ، كأنكم في العقد على بناتهن عاقدون على بناتكم انتهى . وفيه بعض اختصار . .
{ مّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } ظاهر هذا أنه متعلق بقوله : وربائبكم فقط . واللاتي : صفة لنسائكم المجرور بمن ، ولا جائز أن يكون اللاتي وصفاً لنسائكم من قوله : وأمهات نسائكم ، ونسائكم المجرور بمن ، لأن العامل في المنعوتين قد اختلف : هذا مجرور بمن ، وذاك مجرور بالإضافة . ولا جائز أن يكون من نسائكم متعلقاً بمحذوف ينتظم أمهات نسائكم وربائبكم ، لاختلاف مدلول حرف الجر إذ ذاك ، لأنه بالنسبة إلى قوله : وأمهات نسائكم يكون من نسائكم لبيان النساء ، وتمييز المدخول بها من غير المدخول بهن . وبالنسبة إلى قوله : وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، يكون من نسائكم لبيان ابتداء الغاية كما تقول : هذا ابني من فلانة . قال الزمخشري : إلا أنّ أعلقه بالنساء والربائب ، وأجعل من للاتصال كقوله تعالى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } ، فإني لست منك ولست مني ، ما أنا من دد ولا الدد مني . وأمهات النساء متصلات بالنساء ، لأنهن أمهاتهن . كما أن الربائب متصلات بأمهاتهن ، لأنهن بناتهن انتهى . ولا نعلم أحداً ذهب إلى أنَّ من معاني من الاتصال . وأما ما شبه به من الآية والشعر والحديث ، فمتأول : وإذا جعلنا من نسائكم متعلقاً بالنساء ، والربائب كما زعم الزمخشري . فلا بد من صلاحيته لكل من النساء والربائب . فأما تركيبه مع لربائب ففي غاية الفصاحة والحسن ، وهو نظم الآية . وأما تركيبه مع قوله : وأمهات نسائكم ، فإنه يصير : وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، فهذا تركيب لا يمكن أن يقع في القرآن ، ولا في كلام فصيح ، لعدم الاحتياج في إفادة هذا المعنى إلى قوله : من نسائكم . والدخول هنا كناية عن الجماع لقولهم : بني عليها ، وضرب عليها الحجاب . .
والباء : للتعدية ، والمعنى : اللاتي أدخلتموهن الستر قاله : ابن عباس ، وطاوس ، وابن دينار . فلو طلقها بعد البناء وقبل الجماع ، جاز أن يتزوج ابنتها . وقال عطاء ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي ، والليث : إذا مسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها ، وحرمت على الأب والابن ، وهو أحد قولي الشافعي . واختلفوا في النظر إليها بشهوة ، فقال ابن أبي ليلى : لا يحرم النظر حتى تلمس ، وهو قول الشافعي . وقال مالك : يحرم النظر إلى شعرها ، أو شيء من محاسنها بلذة . وقال الكوفيون : يحرم النظر إلى فرجها بشهوة . وقال الثوري : يحرم إذا كان تعمد النظر إلى فرجها ، ولم يذكر الشهوة . وقال عطاء ، وحماد بن أبي سليمان : إذا نظر إلى فرج امرأة فلا ينكح أمها ولا ابنتها ، وعدوا هذا الحكم إلى الإماء . وقال الحسن : إذا ملك الأمة وغمزها بشهوة ، أو كشفها ، أو قبلها ، لا تحل لولده بحال . وأمر مسروق أن تباع جاريته بعد موته وقال : أما أني لم أصب منها إلا ما يحرمها على ولدي من اللمس والنظر . وجرد عمر أمة خلا بها فاستوهبها ابن له فقال : لا تحل لك . .
{ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أي : في نكاح الربائب . وليس جواز نكاح الربائب موقوفاً على انتفاء مطلق الدخول ، بل لا بد من محذوف مقدر تقديره : فإن لم