@ 174 @ % ( فما يدري الفقير متى غناه % .
ولا يدري الغني متى يعيل .
) % .
وقرأ طاوس : أن لا تعيلوا من أعال الرجل إذا كثر عياله ، وهذه القراءة تعضد تفسير الشافعي من حيث المعنى الذي قصده . وأن تتعلق بأدنى وهي في موضع نصب أو جر على الخلاف ، إذ التقدير : أدنى إلى أن لا تعولوا . وافعل التفضيل إذا كان الفعل يتعدى بحرف جر يتعدّى هو إليه . تقول : دنوت إلى كذا فلذلك كان التقدير أدنى إلى أن تعولوا . ويجوز أن يكون الحرف المحذوف لام الجر ، لأنك تقول : دنوت لكذا . .
{ تَعُولُواْ وَءاتُواْ النّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } الظاهر : أن الخطاب للأزواج ، لأن الخطاب قبله لهم ، قاله : ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد ، وابن جريج . قيل : كان الرجل يتزوج بلا مهر يقول : أرثك وترثيني فتقول : نعم . فأمروا أن يسرعوا إعطاء المهور . وقيل : الخطاب لأولياء النساء ، وكانت عادة بعض العرب أن يأكل ولي المرأة مهرها ، فرفع الله ذلك بالإسلام . قاله : أبو صالح ، واختاره : الفراء وابن قتيبة . وقيل : المراد بالآية ترك ما كان يفعله المتشاغرون من تزويج امرأة بأخرى ، وأمروا بضرب المهور قاله : حضرمي ، والأمر بإيتاء النساء صدقاتهن نحلة يتناول هذه الصور كلها . .
والصدقات المهور . قال ابن عباس وابن جريج وابن زيد وقتادة : نحلة فريضة . وقيل : عطية تمليك قاله الكلبي والفراء . وقيل : شرعة وديناً قاله : ابن الأعرابي . قال الراغب : والنحلة أخص من الهبة ، إذ كل هبة نحلة ولا ينعكس ، وسمي الصداق نحلة من حيث لا يجب في مقابلته أكثر من تمتع دون عوض مالي . ومن قال : النحلة الفريضة نظر إلى حكم الآية ، لا إلى موضوع اللفظ والاشتقاق ، والآية اقتضت إتيانهن الصداق انتهى . ودل هذا الأمر على التحرج من التعرض لمهور النساء كما دل الأمر في : { وَءاتُواْ الْيَتَامَى أَمْوالَهُمْ } ، وأنهما متساويان في التحريم . ولما أذن في نكاح الأربع أمر الأزواج والأولياء باجتناب ما كانوا عليه من سنن الجاهلية . .
وقرأ الجمهور صدقاتهن جمع صدقة ، على وزن سمرة . وقرأ قتادة وغيره : بإسكان الدال وضم الصاد . وقرأ مجاهد وموسى بن الزبير وابن أبي عبلة وفياض بن غزوان وغيرهم : بضمها . وقرأ النخعي وابن وثاب : صدقتهن بضمها والافراد ، وانتصب نحلة على أنه مصدر على غير الصدر ، لأن معنى : وآتوا انحلوا فالنصب فيها بآتوا . وقيل : بانحلوهن مضمرة . وقيل : مصدر في موضع الحال ، إما عن الفاعلين أي ناحلين ، وإما من المفعول الأول أو الثاني أي : منحولات . وقيل : انتصب على إضمار فعل بمعنى شرع ، أي : أنحل الله ذلك نحلة ، أي شرعه شرعة وديناً . وقيل : إذا كان بمعنى شرعة فيجوز انتصابه على أنه مفعول من أجله ، أو حال من الصدقات . وفي قوله : وآتوا النساء صدقاتهن دلالة على وجوب الصداق للمرأة ، وهو مجمع عليه إلا ما روي عن بعض أهل العراق : أن السيد إذا زوج عبده بأمته لا يجب فيه صداق ، وليس في الآية تعرض لمقدار الصداق ، ولا لشيء من أحكامه . وقد تكلم بعض المفسرين في ذلك هنا ، ومحل الكلام في ذلك هو كتب الفقه . .
{ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْء مّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } الخطاب فيه الخلاف : أهو للأزواج ؟ أو للأولياء ؟ وهو مبني على الخلاف في : وآتوا النساء . وقال حضرمي : سبب نزولها أن قوماً تحرجوا أن يرجع إليهم شيء ما دفعوا إلى الزوجات ، والضمير في : منه ، عائد على الصداق قاله : عكرمة . إذ لو وقع مكان صدقاتهن لكان جائزاً وصار شبيهاً بقولهم : هو أحسن الفتيان وأجمله لصلاحية ، هو أحسن فتى . قال الزمخشري : ويجوز أن يكون تذكير الضمير لينصرف إلى الصداق الواحد ، فيكون متناولاً بعضه . فلو أنث لتناول ظاهرة هبة الصداق كله ، لأن بعض الصدقات واحد منها فصاعداً انتهى . وأقول : حسن