@ 155 @ .
قال ابن عباس : النزل الثواب ، وهي كقوله : { ثَوَاباً مّن عِندِ اللَّهِ } وقال ابن فارس : النزل ما يهيأ للنزيل ، والنزيل الضيف . وقيل : النزل الرزق وما يتغذى به . ومنه : { فَنُزُلٌ مّنْ حَمِيمٍ } أي فغذاؤه . ويقال : أقمت للقوم نزلهم أي ما يصلح أن ينزل عليه من الغذاء ، وجمعه أنزال . وقال الهروي : الأنزال التي سويت ، ونزل عليها . ومعنى من عند الله : أي لا من عند غيره ، وسماه نزلاً لأنه ارتفع عنهم تكاليف السعي والكسب ، فهو شيء مهيأ يهيأ لهم لا تعب عليهم في تحصيله هناك ، ولا مشقة . كالطعام المهيأ للضيف لم يتعب في تحصيله ، ولا في تسويته ومعالجته . وانتصاب نزلاً قالوا : إما على الحال من جنات لتخصصها بالوصف ، والعامل فيها العامل في لهم . وإما بإضمار فعل أي : جعلها نزلاً . وإمّا على المصدر المؤكد فقدره ابن عطية : تكرمة ، وقدره الزمخشري : رزقاً أو عطاء . وقال الفرّاء : انتصب على التفسير كما تقول : هو لك هبة وصدقة انتهى . وهذا القول راجع إلى الحال . .
{ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لّلابْرَارِ } ظاهره حوالة الصلة على ما تقدم من قوله : نزلاً من عند الله . والمعنى : أن الذي أعده الله للأبرار في الآخرة خير لهم ، فيحتمل أن يكون المفضل عليه بالنسبة للأبرار أي خير لهم مما هم فيه في الدنيا ، وإليه ذهب : ابن مسعود . وجاء { وَارْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ الرحِمِينَ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا } ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى الكفار ، أي : خير لهم مما يتقلب فيه الكفار من المتاع الزائل . وقيل : خير هنا ليست للتفضيل ، كما أنها في قوله تعالى : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً } والأظهر ما قدمناه . .
وللأبرار متعلق بخير ، والأبرار هم المتقون الذين أخبر عنهم بأن لهم جنات . وقيل : فيه تقديم وتأخير . أي الذي عند الله للأبرار خير لهم ، وهذا ذهول عن قاعدة العربية من أن المجرور إذ ذاك يتعلق بما تعلق به الظرف الواقع صلة للموصول ، فيكون المجرور داخلاً في حيز الصلة ، ولا يخبر عن الموصول إلا بعد استيفائه صلته ومتعلقاتها . .
{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ } لما مات أصمحة النجاشي ملك الحبشة . ومعنى أصمحة بالعربية عطية ، قال سفيان بن عيينة وغيره : ( صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ) فقال قائل : يصلي عليه العلج النصراني وهو في أرضه فنزلت ، قاله : جابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وأنس . وقال الحسن وقتادة : في النجاشي وأصحابه . وقال ابن عباس فيما روى عنه أبو صالح : في مؤمني أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وبه قال : مجاهد . وقال ابن جريج وابن زيد ومقاتل : في عبد الله بن سلام وأصحابه . وقال عطاء : في أربعين من نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم ، كانوا على دين عيسى فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ) ، ومِن في لمن الظاهر أنها موصولة ، وأجيز أن تكون نكرة موصوفة أي : لقوماً . والذي أنزل إلينا هو القرآن ، والذي أنزل إليهم هو كتابهم . .
{ خَاشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِئَايَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } كما اشترت بها أحبارهم الذين لم يؤمنوا . وانتصاب خاشعين على الحال من الضمير في يؤمن ، وكذلك لا يشترون هو في موضع نصب على الحال . وقيل : حال من الضمير في