@ 145 @ ليس فيه وحبه المدح عليه منهى عنه ومذموم شرعاً . وقال تعالى : { لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } وفي الحديث الصحيح : { * المتشبع بما ليس فيه كلابس ثوبي زور } وقد أخبر تعالى عنهم بالعذاب الأليم في قوله : ولهم عذاب أليم . وناسب وصفه بأليم لأجل فرحهم ومحبتهم المحمدة على ما لم يفعلوا . .
{ وَللَّهِ مُلْكُ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } ذكر تعالى أنهم من جملة ما ملك ، وأنه قادر عليهم ، فهم مملوكون مقهورون مقدور عليهم ، فليسوا بناجين من العذاب . .
{ إِنَّ فِي خَلْقِ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لاَيَاتٍ لاِوْلِى الاْلْبَابِ } تقدّم شرح نظير هذه الجملة في سورة البقرة . ومعنى لآيات : العلامات واضحة على الصانع وباهر حكمته ، ولا يظهر ذلك إلا لذوي العقول ينظرون في ذلك بطريق الفكر والاستدلال ، لا كما تنظر البهائم . وروي ابن جبير عن ابن عباس أن قريشاً قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً ، حين ذكرت اليهود والنصارى لهم بعض ما جاء به من المعجزات موسى عليهما السلام ، فنزلت هذه الآية . ومناسبة هذه الآية لما قبلها واضحة ، لأنه تعالى لمّا ذكر أنه مالك السموات والأرض ، وذكر قدرته ، ذكر أنّ في خلقهما دلالات واضحة لذوي العقول . .
{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } الظاهر أن الذكر هو باللسان مع حضور القلب ، وأنه التحميد والتهليل والتكبير ، ونحو ذلك من الاذكار . هذه الهيئات الثلاثة هي غالب ما يكون عليها المرء ، فاستعملت والمراد بها جميع الأحوال . كما قالت عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يذكر الله على كل أحيانه ) وظاهر هذا الحديث والآية يدل على جواز ذكر الله على الخلاء . وقال بجواز ذلك : عبد الله بن عمر ، وابن سيرين والنخعي . وكرهه : ابن عباس ، وعطاء ، والشعبي . وعن ابن عمر وعروة بن الزبير وجماعة أنهم خرجوا يوم العيد إلى المصلى فجعلوا يذكروا الله فقال بعضهم : أما قال الله تعالى : قياماً وقعوداً ؟ فقاموا يذكرون الله على أقدامهم . .
وروي في الحديث : ( من أحب أن يرتع في رياض لجنة فليكثر ذكر الله } وإلى أن المراد بالذكر هو الظاهر الذي ذكرناه . ذهب ابن جريج والجمهور : والذكر من أعظم العبادات ، والأحاديث فيه كثيرة . وقال ابن عباس وجماعة : المراد بالذكر الصلوات ، ففي حال العذر يصلونها قعوداً وعلى جنوبهم ، وسماها ذكراً لاشتمالها على الذكر . وقيل : المراد بالذكر صلاة النفل يصليها كيف شاء . وجلب المفسرون في هذه الآية أشياء من كيفية إيقاع الصلاة في القيام والقعود والاضطجاع ، وخلاف الفقهاء في ذلك ، ودلائلهم . وذلك مقرر في علم الفقه . وعلى الظاهر من تفسير الذكر فتقديم القيام ، لأن الذكر فيه أخف على الإنسان ، ثم انتقل إلى حالة القعود والذكر فيه أشق منه في حالة القيام ، لأن الإنسان لا يقعد غالباً إلا لشغل يشتغل به من صناعة أو غيرها . ثم انتقل إلى هيئة الاضطجاع والذكر فيها أشق منه في هيئة القعود ، لأن الاضطجاع هو هيئة استراحة وفراغ عن الشواغل . ويمكن في هذه الهيئات أن يكون التقديم لما هو أقصر زماناً ، فبدىء بالقيام لأنها هيئة زمانها في الغالب أقصر من زمان القعود ، ثم بالقعود إذ زمانه أطول ، وبالاضطجاع إذ زمانه أطول من زمان القعود . ألا ترى أنَّ الليل جميعه هو زمان الاضطجاع ، وهو مقابل لزمان القعود والقيام ، وهو النهار ؟ وأما إذا كان الذكر يراد به الصلاة المفروضة ، فالهيئات جاءت على سبيل الندرة . فمن قدر على القيام لا يصلي قاعداً ، ومن قدر على القعود لا يصلي مضطجعاً ، وأما إذا كان يراد به صلاة النفل فالهيئات على سبيل