@ 144 @ القراءة بكون فلا يحسبنهم بدلاً من الأول ، وقد تعدّى إلى المفعولين وهما : الضمير وبمفازة ، واستغنى بذلك عن المفعولين ، كما استغنى في قوله : % ( بأي كتاب أم بأية سنة % .
ترى حبهم عاراً عليّ وتحسب .
) % .
أي : وتحسب حبهم عاراً عليّ . والوجه الثاني ما قاله الزمخشري : وهو أن يكون المفعول الأول محذوفاً على لا يحسبنهم الذين يفرحون بمفازة ، بمعنى : لا يحسبن أنفسهم الذين يفرحون فائزين . وفلا يحسبنهم تأكيد ، وتقدّم لنا الرد على الزمخشري في تقديره لا يحسبنهم الذين في قوله : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا } وإن هذا التقدير لا يصح فيطلع هناك . وتعدى في هذه القراءة فعل الحسبان إلى ضميريه المتصلين : المرفوع والمنصوب ، وهو مما يختص به ظننت وأخواتها ، ومن غيرها : وجدت ، وفقدت ، وعدمت ، وذلك مقرّر في علم النحو . .
وقرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم : لا تحسبن ، وفلا تحسبنهم بتاء الخطاب ، وفتح الباء فيهما خطاباً للرسول ، وخرجت هذه القراءة على وجهين : أحدهما ذكره ابن عطية ، وهو أن المفعول الأول هو : الذين يفرحون . والثاني محذوف لدلالة ما بعده عليه كما قيل آنفاً في المفعولين . وحسن تكرار الفعل فلا يحسبنهم لطول الكلام ، وهي عادة العرب ، وذلك تقريب لذهن المخاطب . والوجه الثاني ذكره الزمخشري ، قال : وأحد المفعولين الذين يفرحون ، والثاني بمفازة . وقوله : فلا يحسبنهم توكيد تقديره لا يحسبنهم ، فلا يحسبنهم فائزين . وقرىء لا تحسبن فلا تحسبنهم بتاء الخطاب وضم الباء فيهما خطاباً للمؤمنين . ويجيء الخلاف في المفعول الثاني كالخلاف فيه في قراءة الكوفيين . وقرأ نافع وابن عامر : لا يحسبن بياء الغيبة ، وفلا تحسبنهم بتاء الخطاب ، وفتح الباء فيهما ، وخرجت هذه القراءة على حذف مفعولي يحسبن لدلالة ما بعدهما عليهما . ولا يجوز في هذه القراءة البدل الذي جوّز في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاختلاف الفعلين لاختلاف الفاعل . وإذا كان فلا يحسبنهم توكيداً أو بدلاً ، فدخول الفاء إنما يتوجه على أن تكون زائدة ، إذ لا يصح أن تكون للعطف ، ولا أن تكون فاء جواب الجزاء . وأنشدوا على زيادة الفاء قول الشاعر : % ( حتى تركت العائدات يعدنه % .
يقلن فلا تبعد وقلت له : ابعد .
) % .
وقال آخر : % ( لما اتقى بيد عظيم جرمها % .
فتركت ضاحي : كفه يتذبذب .
) % .
أي : لا تبعد ، وأي تركت . وقرأ النخعي ومروان بن الحكم بما آتوا بمعنى : أعطوا . وقرأ ابن جبير والسلمي : بما أوتوا مبنياً للمفعول . وتقدّمت الأقوال في أتوا ، وبعضها يستقيم على هاتين القراءتين . .
وفي حرف عبد الله بما لم يفعلوا بمفازة ، وأسقط فلا يحسبنهم . ومفازة مفعلة من فاز ، وهي للمكان أي : موضع فوز ، أي : نجاة . وقال الفرّاء : أي يبعد من العذاب ، لأن الفوز معناه التباعد من المكروه . وفي هذه الآية دلالة على أن تزين الإنسان بما