@ 222 @ معطوفة على ما موضعه رفع . والجملة من قوله : { ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ } إذا قلنا ليست جواب لما جملة اعتراض فصل بها بين المعطوف والمعطوف عليه ، وكذلك أيضاً { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } إذا قلنا إن ذلك من أوصاف المنافقين . فعلى هذين القولين تكون الجملتان جملتي اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه ، وقد منع ذلك أبو علي ، وردّ عليه بقول الشاعر : % ( لعمرك والخطوب مغيرات % .
وفي طول المعاشرة التقالي .
) % % ( لقد باليت مظعن أمّ أوفى % .
ولكن أمّ أوفى لا تبالي .
) % .
ففصل بين القسم وجوابه بجملتي الاعتراض . من السماء متعلق بصيب فهو في موضع نصب ومن فيه لابتداء الغاية ، ويحتمل أن تكون في موضع الصفة فتعلق بمحذوف ، وتكون من إذ ذاك للتبعيض ، ويكون على حذف مضاف التقدير ، أو كمطر صيب من أمطار السماء ، وأتى بالسماء معرفة إشارة إلى أن هذا الصيب نازل من آفاق السماء ، فهو مطبق عام . قال الزمخشري : وفيه أن السحاب من السماء ينحدر ، ومنها يأخذ ماءه ، لا كزعم من زعم أنه يأخذه من البحر ، ويؤيده قوله تعالى : { وَيُنَزّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } انتهى كلامه . وليس في الآيتين ما يدل على أنه لا يكون منشأ المطر من البحر ، إنما تدل الآيتان على أن المطر ينزل من السماء ، ولا يظهر تناف بين أن يكون المطر ينزل من السماء ، وأن منشأه من البحر . والعرب تسمي السحاب بنات بحر ، يعني أنها تنشأ من البحار ، قال طرفة : % ( لا تلمني إنها من نسوة % .
رقد الصيف مقاليت نزر .
) % % ( كبنات البحر يمأدن كما % .
أنبت الصيف عساليج الخضر .
) % .
وقد أبدلوا الباء ميماً فقالوا : بنات المحر ، كما قالوا : رأيته من كثب ومن كثم . وظلمات : مرتفع بالجار والمجرور على الفاعلية ، لأنه قد اعتمد إذا وقع صفة ، ويجوز أن تكون فيه من موضع الحال من النكرة المخصصة بقوله : { مّنَ السَّمَاء } ، إما تخصيص العمل ، وإما تخصيص الصفة على ما قدمناه من الوجهين في إعراب من السماء ، وأجازوا أن يكون ظلمات مرفوعاً بالابتداء ، وفيه في موضع الخبر . والجملة في موضع الصفة ، ولا حاجة إلى هذا لأنه إذا دار الأمر بين أن تكون الصفة من قبيل المفرد ، وبين أن تكون من قبيل الجمل ، كان الأولى جعلها من قبيل المفرد وجمع الظلمات ، لأنه حصلت أنواع من الظلمة . فإن كان الصيب هو المطر ، فظلماته ظلمة تكاتفه وانتساجه وتتابع قطره ، وظلمة : ظلال غمامه مع ظلمة الليل . وإن كان الصيب هو السحاب ، فظلمة سجمته وظلمة تطبيقه مع ظلمة الليل . والضمير في فيه عائد على الصيب ، فإذا فسر بالمطر ، فمكان ذلك السحاب ، لكنه لما كان الرعد والبرق ملتبسين بالمطر جعلا فيه على طريق التجوّز ، ولم يجمع الرعد والبرق ، وإن كان قد جمعت في لسان العرب ، لأن المراد بذلك المصدر كأنه قيل : وإرعاد وإبراق ، وإن أريد العينان فلأنهما لما كانا مصدرين في الأصل ، إذ يقال : رعدت