@ 114 @ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ } هو على حذف مضاف أي : وليعلم إيمان المؤمنين ، ويعلم نفاق الذين نافقوا . أو المعنى : وليميز أعيان المؤمنين من أعيان المنافقين . وقيل : ليكون العلم مع وجود المؤمنين والمنافقين مساوقاً للعلم الذي لم يزل ولا يزال . وقيل : ليظهر إيمان هؤلاء ونفاق هؤلاء . وقد تقدم تأويل مثل هذا في قوله : { لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ } وقالوا : تتعلق الآية بمحذوف أي : ولكذا فعل ذلك . والذي يظهر أنه معطوف على قوله : بإذن الله ، عطف السبب على السبب . ولا فرق بين الباء واللام ، فهو متعلق بما تعلقت به الباء من قوله : فهو كائن . والذين نافقوا هنا عبد الله بن أبي وأصحابه . .
{ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ } القائل : رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . وقيل : عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري أبو جابر بن عبد الله لما انخذل عبدُ الله بن أبي في نحو ثلاثمائة تبعهم عبد الله فقال لهم : اتقوا الله ولا تتركوا نبيكم ، وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ، ونحو هذا من القول . فقال عبد الله بن أبي : ما أرى أن يكون قتال ، ولو علمناه لكنا معكم . فلما يئس منهم عبد الله قال : اذهبوا أعداء الله ، فسيغني الله عنكم ، ومضى حتى استشهد . قال السدي : وابن جريج ، ومجاهد ، والحسن ، والضحاك ، والفرّاء : معناه : كثروا السواد وإن لم تقاتلوا فتدفعون القوم بالتكثير . وقال أبو عون الأنصاري معناه : رابطوا ، وهو قريب من الأول ، لأن المرابط في الثغور دافع للعدو ، إذ لولاه لطرقها . قال أنس : رأيت عبد الله بن أم مكتوم يوم القادسية وعليه درع بجر أطرافها ، وبيده راية سوداء ، فقيل له : أليس قد أنزل الله عذرك ؟ قال : بلى ولكني أكثر المسلمين بنفسي . وقيل : القتال بالأنفس ، والدفع بالأموال . وقيل : المعنى أو ادفعوا حمية ، لأنه لمّا دعاهم أولاً إلى أن يقاتلوا في سبيل الله وجد عزائمهم منحلة عن ذلك ، إذ لا باعث لهم في ذلك لنفاقهم ، فاستدعى منهم أن يدفعوا عن الحوزة ، فنبه على ما يقاتل لأجله : إمّا لإعلاء الدين ، أو لحمى الذمار . ألا ترى إلى قول قزمان : والله ما قاتلت إلا على أحساب قومي . وقول الأنصاري وقد رأى قريشاً ترعى زرع قناة : أترعى زروع بني قيلة ولما تضارب ، مع أنه صلى الله عليه وسلم ) أمر أن لا يقاتل أحد حتى يأمره . .
وأو على بابها من أنها لأحد الشيئين . وقيل : يحتمل أن تكون بمعنى الواو ، فطلب منهم الشيئين : القتال في سبيل الله ، والدفع عن الحريم والأهل والمال . فكفار قريش لا تفرق بين المؤمن والمنافق في القتل والسبي والنهب ، والظاهر أن قوله : وقيل لهم ، كلام مستأنف . قسم الأمر عليهم فيه بين أن يقاتلوا للآخرة ، أو يدفعوا عن أنفسهم وأهليهم وأموالهم . حكى الله عنهم ما يدل على نفاقهم في هذا السؤال والجواب ، ويحتمل أن يكون قوله : وقيل لهم معطوف على نافقوا ، فيكون من الصلة . .
{ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ } إنما لم ترد بالفاء لأنه جواب لسؤال اقتضاه دعاؤهم إلى القتال كأنه قيل : فماذا قالوا ؟ فقيل : قالوا لو نعلم ، ونعلمُ هنا في معنى علمنا ، لأنّ لو من القرائن التي تخلص المضارع