@ 100 @ ويكون العامل في إذا هلاك وهو مصدر ينحل بأنْ والمضارع ، أي مخافة أن يهلك إخوانهم الباقون إذا ضربوا في الأرض ، أو كانوا غزاً . وهذا أبلغ في المعنى إذ عرضوا للأحياء بالإقامة لئلا يصيبهم ما أصاب من مات أو قتل . قالوا : ويجوز أنْ يكون وقالوا في معنى . ويقولون : وتعمل في إذا ، ويجوز أن يكون إذا بمعنى إذ فيبقى ، وقالوا على مضيه . وفي الكلام إذ ذاك حذف تقديره : إذا ضربوا في الأرض فماتوا ، أو كانوا غزاً فقتلوا . وما أجهل مَنْ يدعي أنّه لولا الضربُ في الأرض والغزو وترك القعود في الوطن لما مات المسافر ولا الغازي ، وأين عقل هؤلاء من عقل أبي ذؤيب على جاهليته حيث يقول : % ( يقولون لي : لو كان بالرمل لم يمت % .
نسيبة والطرّاق يكذب قيلها .
) % % ( ولو أنني استودعته الشمس لارتقت % .
إليه المنايا عينها ، ورسولها .
) % .
قال الرازي : وذكر الغزو بعد الضرب ، لأن من الغزو ما لا يكون ضرباً ، لأن الضرب الإبعاد ، والجهاد قد يكون قريب المسافة ، فلذلك أفرد الغزو عن الضرب انتهى . يعني : أَنّ بينهما عموماً وخصوصاً فتغايراً ، فصح إفراده ، إذ لم يندرج من جهة تحته . وقيل : لا يفهم الغزو من الضرب ، وإنما قدم لكثرته كما قال تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَىِ الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مّنَ } . .
وقرأ الجمهور غزاً بتشديد الزاي ، وقرأ الحسن والزهري بتخفيف الزاي . ووجه على حذف أحد المضعفين تخفيفاً ، وعلى حذف التاء ، والمراد : غزاة . وقال بعض من وجهٍ على أنّه حُذف التاء وهو : ابن عطية ، قال : وهذا الحذف كثير في كلامهم ، ومنه قول الشاعر يمدح الكسائي : % ( أبى الذمّ أخلاق الكسائي وانتحى % .
به المجد أخلاق الأبوّ السوابق .
) % .
يريد الأبوة . جمع أب ، كما أن العمومة جمع عم ، والبنوّة جمع ابن . وقد قالوا : ابن وبنوّ انتهى . وقوله : وهذا الحذف كثير في كلامهم ليس كما ذكر ، بل لا يوجد مثل رام ورمى ، ولا حام وحمى ، يريد : رماة وحماة . وإنْ أراد حذف التاء من حيث الجملة كثير في كلامهم فالمدعي إنما هو الحذف من فعله ، ولا نقول أنَّ الحذف أعني حذف التاء كثيرٌ في كلامهم ، لأنه يشعر أن بناء الجمع جاء عليها ، ثم حذفت كثيراً وليس كذلك ، بل الجمع جاء على فعول نحو : عم وعموم ، وفحل وفحول ، ثم جيء بالتاء لتأكيد معنى الجمع ، فلا نقول في عموم : أنه حذفت منه التاء كثيراً لأن الجمع لم يبن عليها ، بخلاف قضاة ورماة فإن الجمع بني عليها . وإنما تكلف النحويون لدخولها فيما كان لا ينبغي أن تدخل فيه ، إنَّ ذلك على سبيل تأكيد الجمع ، لمَّا رأوا زائداً لا معنى له ذكروا أنّه جاء بمعنى التوكيد ، كالزوائد التي لا يفهم لها معنى غير التأكيد . وأمّا البيت فالذي يقوله النحويون فيه : أنه مما شذ جمعه ولم يعل ، فيقال فيه : أبى كما قالوا : عصى في عصا ، وهو عندهم جمع على فعول ، وليس أصله أبوه . ولا يجمع ابن على بنوّة ، وإنما هما مصدران . والجملة من لو وجوابها هي معمول القول فهي في موضع نصب على المفعول ، وجاءت على نظم ما بعد إذا من تقديم نفي الموت على نفي القتل ، كما قدم الضرب على الغزو . والضمير في : لو كانوا ، هو لقتلى أحد ، قاله : الجمهور . أو للسرية الذين قتلوا ببئر معونة قاله : بكر بن سهل الدمياطي . وقرأ الجمهور : وما قتلوا بتخفيف التاء . وقرأ الحسن : بتشديدها للتكثير في المحال ، لا بالنسبة إلى محل واحد ، لأنه لا يمكن التكثير فيه . .
{ لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذالِكَ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ } اختلفوا في هذه اللام فقيل : هي لام كي . وقيل : لام الصيرورة . فإذا كانت لام كي فبماذا تتعلق ، ولماذا يشار بذلك ؟ فذهب بعضهم : إلى أنّها تتعلق بمحذوف يدل