@ 97 @ ينكبون به في بعض الأوقات . تمحيص لهم ، وترغيب في الشهادة ، وحرصهم على الشهادة مما يحرضهم على الجهاد فتحصل الغلبة . انتهى كلامه . وهو نوع من الخطابة والمعنى في الآية واضح جداً لا يحتاج إلى هذا التطويل . .
وقرأ الجمهور : لبرز ، ثلاثياً مبنياً للفاعل . أي لصاروا في البراز من الأرض . وقرأ أبو حيوة : لبرّز مبنياً للمفعول مشدّد الراء ، عدي برز بالتضعيف . وقرأ الجمهور : كتب مبنياً للمفعول ، ورفع القتل . وقرىء : كتب مبنياً للفاعل ، ونصب القتل . وقرأ الحسن والزهري : القتالُ مرفوعاً . وتحتمل هذه القراءة الاستغناء عن المنافقين ، أي : لو تخلفتم أنتم لبرز المطيعون المؤمنون الذين فرض عليهم القتال ، وخرجوا طائعين إلى مواضع استشهادهم ، فاستغنى بهم عنكم . .
{ وَلِيَبْتَلِىَ اللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ } تقدم معنى الابتلاء والتحيص . فقيل : المعنى إنّ الله فرض عليكم القتال ولم ينصركم يوم أحد ليختبر صبركم ، وليمحص عنكم سيئاتكم إنْ تبتم وأخلصتم . وقيل : ليعاملكم معاملة المختبر . وقيل : ليقع منكم مشاهدة علمه غيباً كقوله : { فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } . وقيل : هو على حذف مضاف . أي : وليبتلي أولياء الله ما في صدوركم ، فإضافة إليه تعالى تفخيماً لشأنه . والواو قيل : زائدة . وقيل : للعطف على علة محذوفة ، أي : ليقضي الله أمره وليبتلي . وقال ابن بحر : عطف على ليبتليكم ، لما طال الكلام أعاده ثم عطف عليه ليمحص . وقيل : تتعلق اللام بفعل متأخر ، التقدير : وليبتلي وليمحص فعل هذه الأمور الواقعة . وكان متعلق الابتلاء ما انطوت عليه الصدور وهي القلوب كما قال : { وَلَاكِنِ * تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ } ومتعلق التمحيص وهو التصفية والتطهير ما انطوت عليه القلوب من النيات والعقائد . .
{ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } تقدم تفسير مثل هذه الجملة ، وجاء بها عقيب قوله : وليمحص ما في قلوبكم على معنى : أنه عليم بما انطوت عليه الصدور ، وما أضمرته من العقائد ، فهو يمحص منها ما أراد تمحيصه . .
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران ، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها ، فلما انتهى إلى هذه الآية قال : لما كان يوم أحد فهزمنا مررت حتى صعدت الجبل ، فلقد رأيتني انزو كأنني أروى ، والناس يقولون : قتل محمد ، فقلت : لا أجد أحداً يقول : قتل محمد إلا قتلته ، حتى اجتمعنا على الجبل ، فنزلت هذه الآية كلها . وقال عكرمة : نزلت فيمن فرّ من المؤمنين فراراً كثيراً منهم : رافع بن المعلى ، وأبو حذيفة بن عتبة ، ورجل آخر . .
والذين تولوا : كل من ولى الدبر عن المشركين يوم أحد قاله : عمر ، وقتادة ، والربيع . أو كل من قرب من المدينة وقت الهزيمة قاله السدي . أو رجال بأعيانهم قاله : ابن إسحاق منهم : عتبة بن عثمان الزرقي ، وأخوه سعد وغيرهما ، بلغوا الجلعب جبلاً بناحية المدينة مما يلي الأعوص فأقاموا به ثلاثاً ، ثم رجعوا إلى سول الله صلى الله عليه وسلم ) فقال لهم : { لَقَدِ } ولم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يومئذ إلا ثلاثة عشر رجلاً أبو بكر ، وعلي ، وطلحة ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وباقيهم من الأنصار منهم : أبو طلحة ، وظاهر تولوا يدل على مطلق التولي يوم اللقاء ، سواء فرّ إلى المدينة ، أم صعد الجبل . .
والجمع : اسم جمع . ونص النحويون على أن اسم الجمع لا يثني ، لكنه هنا أطلق يراد به معقولية اسم الجمع ، بل بعض الخصوصيات . أي : جمع المؤمنين ، وجمع المشركين ، فلذلك صحت تثنيته . ونظير ذلك قوله :