@ 95 @ والذي يظهر أنه استفهام باق على حقيقته ، لأنهم أجيبوا بقوله : قل إن الأمر كله لله . ولو كان معناه النفي لم يجابوا بذلك ، لأنّ من نفي عن نفسه أن يكون له شيء من الأمر لا يجاوب بذلك ، إلا إنْ قدر مع جملة النفي جملة ثبوتية لغيرهم ، فكان المعنى : ليس لنا من الأمر من شيء بل لغيرنا ممن حملنا على الخروج وأكرهنا عليه ، فيمكن أن يكون ذلك جواباً لهذا المقدّر . وهذه الجملة الجوابية معترضة بين الجمل التي أخبر الله بها عنهم . .
والواو في قوله : وطائفة ، واو الحال . وطائفة مبتدأ ، والجملة المتصلة به خبره . وجاز الابتداء بالنكرة هنا إذ فيه مسوغان : أحدهما : واو الحال وقد ذكرها بعضهم في المسوغات ، ولم يذكر ذلك أكثر أصحابنا وقال الشاعر : % ( سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا % .
محياك أخفى ضوؤه كل شارق .
) % .
والمسوغ الثاني : أن الموضع موضع تفصيل . إذ المعنى : يغشى طائفة منكم ، وطائفة لم يناموا ، فصار نظير قوله : % ( إذا ما بكى من خلفها انصرفت له % .
بشق وشق عندنا لم يحوّل .
) % .
ونصب طائفة على أن تكون المسألة من باب الاشتغال على هذا التقدير من الإعراب جائز . ويجوز أن يكون قد أهمتهم في موضع الصفة ، ويظنون الخبر . ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً ، والجملتان صفتان ، التقدير : ومنكم طائفة . ويجوز أن يكون يظنون حالاً من الضمير في أهمتهم ، وانتصاب غير الحق . قال أبو البقاء : على أنه مفعول أول لتظنون ، أي أمراً غير الحق ، وبالله الثاني . وقال الزمخشري : غير الحق في حكم المصدر ، ومعناه : يظنون بالله ظن الجاهلية ، وغير الحق تأكيد ليظنون كقولك : هذا القول غير ما تقول ، وهذا القول لا قولك ، انتهى . فعلى هذا لم يذكر ليظنون مفعولين ، وتكون الباء ظرفية كما تقول : ظننت بزيد . وإذا كان كذلك لم تتعد ظننت إلى مفعولين ، وإنما المعنى : جعلت مكان ظني زيداً . وقد نص النحويون على هذا . وعليه : % ( فقلت لهم ظنوا بألفي مدحج % .
سراتهم في السائريّ المسرد .
) % .
أي : اجعلوا مكان ظنكم ألفي مدحج . وانتصاب ظن على أنه مصدر تشبيهي ، أي : ظناً مثل ظن الجاهلية . ويجوز في : يقولون أن يكون صفة ، أو حالاً من الضمير في يظنون ، أو خبراً بعد خبر على مذهب من يجيز تعداد الأخبار في غير ما اتفقوا على جواز تعداده . ومن شيء في موضع مبتدأ ، إذ من زائدة ، وخبره في لنا ، ومن الأمر في موضع الحال ، لأنه لو تأخر عن شيء لكان نعتاً له ، فيتعلق بمحذوف . وأجاز أبو البقاء أن يكون من الأمر هو الخبر ، ولنا تبيين وبه تتم الفائدة كقوله تعالى : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } وهذا لا يجوز : لأن ما جاء للتبيين العامل فيه مقدر ، وتقديره : أعني لنا هو جملة أخرى ، فيبقى المبتدأ والخبر جملة لا تستقل بالفائدة ، وذلك لا يجوز . وأما تمثيله بقوله : ولم يكن له كفواً أحد فهما لا سواء ، لأن له معمول لكفواً ، وليس تبييناً . فيكون عامله مقدراً ، والمعنى : ولم يكن أحد كفواً له ، أي مكافياً له ، فصار نظير لم يكن له ضار بالعمرو ، فقوله : لعمرو ليس تبينناً ، بل معمولاً لضارب . وقرأ الجمهور كله بالنصب تأكيداً للأمر . وقرأ أبو عمر : وكله على أنه مبتدأ ، ويجوز أن يعرب توكيداً للأمر على الموضع على مذهب من يجيز ذلك وهو : الجرمي ، والزجاج ، والفراء . قال ابن عطية : ورجح الناس قراءة