@ 56 @ بقوله : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ } أي نصركم ليقطع . قال : ويجوز أن يتعلق بقوله : { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ } . ويجوز أن تكون متعلقة بيمددكم . وقال ابن عطية : وقد يحتمل أن تكون اللام متعلقة بجعله ، وقيل : هو معطوف على قوله . ولتطمئن ، وحذف حرف العطف منه ، التقدير : { وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ } ، وتكون الجملة من قوله : وما النصر إلا من عند الله اعتراضية بين المعطوف عليه والمعطوف . والذي يظهر أنْ تتعلق بأقرب مذكور وهو : العامل في من عند الله وهو خبر المبتدأ . كأنّ التقدير : وما النصر إلا كائن من عند الله ، لا من عند غيره . لأحد أمرين : إما قطع طرف من الكفار بقتل وأسر ، وإما بخزي وانقلاب بخيبة . وتكون الألف واللام في النصر ليست للعهد في نصر مخصوص ، بل هي للعموم ، أي : لا يكون نصر أي نصر من الله للمسلمين على الكفار إلا لأحد أمرين . .
2 ( { لَيْسَ لَكَ مِنَ الاٌّ مْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ * وَللَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِىأُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ) ) 2 .
{ خَائِبِينَ لَيْسَ لَكَ مِنَ الاْمْرِ شَىْء } اختلف في سبب النزول وملخصه : أنه لعن ناساً أو شخصاً عين أنه عتبة بن أبي وقاص ، أو أشخاصاً دعا عليهم وعينوا : أبا سفيان ، والحارث بن هشام ، وصفوان بن أمية . أو قبائل عين منها : لحيان ، ورعل ، وذكوان ، وعصية . أو هم بسبب الذين انهزموا يوم أحد ، أو استأذن ربه أن يدعو . ودعا يوم أحد حين شجَّ في وجهه ، وكسرت رباعيته ، ورمي بالحجارة ، حتى صرع لجنبه ، فلحقه ناس من فلاحهم ، ومال إلى أن يستأصلهم الله ويريح منهم ، فنزلت . فعلى هذه الأسباب يكون معنى الآية : التوقيف على أن جميع الأمور إنما هي لله ، فيدخل فيها هداية هؤلاء وإقرارهم على حالة . وفي خطابه : دليل على صدور أمر منه أو هم به ، أو استئذان في الدعاء كما تقدّم ذكره ، وأن عواقب الأمور بيد الله . قال الكوفيون : نسخت هذه الآية القنوت على رعل وذكوان وعصية وغيرهم من المشركين . وقال السخاوي : ليس هذا شرط الناسخ ، لأنه لم ينسخ قرآناً . .
{ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } قيل : هو عطف على ما قبله من الأفعال المنصوبة . ويكون قوله : ليس لك من الأمر شيء جملة اعتراضية ، والمعنى : أن الله مالك أمرهم ، فإما أنْ يهلكهم ، أو يهزمهم ، أو يتوب عليهم إن أسلموا ، أو يعذبهم إن أصروا على الكفر . وقيل : أن مضمرة بعد أو ، بمعنى : إلا أن ، وهي التي في قولهم : لألزمنك أو تقضيني حقي ، والمعنى : أنه ليس له من أمرهم شيء إلا أن يتوب الله عليهم بالإسلام فيسر بهداهم ، أو يعذبهم بقتل وأسر في الدنيا ، أو بنار في الآخرة ، فيستشفى بذلك ويستريح . وعلى هذا التأويل تكون الجملة المنفية للتأسيس ، لا للتأكيد . وقيل : أو يتوب معطوف على الأمر . وقيل : على شيء . أي : ليس لك من الأمر ، أو من توبتهم ، أو تعذيبهم شيء . أو ليس لك من الأمر شيء ، أو تعذيبهم . والظاهر من هذه التخاريج الأربعة هو الأول . وأبعد من ذهب إلى أن قوله : ليس لك من الأمر ، أي أمر الطائفتين اللتين همتا أن تفشلا . .
وقال ابن بحر : من الأمر أي ، من هذا النصر ، وإنما هو من الله كما قال : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } وقيل : المراد بالأمر أمر القتال . والظاهر الحمل على العموم ، والأمور كلها لله تعالى . .
وقرأ أبي : أو يتوب عليهم أو يعذبهم برفعهما على معنى : أو هو يتوب عليهم ، ثم نبه على العلة المقتضية للتعذيب بقوله : فإنهم ظالمون ، وأتى بأنْ الدالة على التأكيد في نسبة الظلم إليهم . .
{ وَللَّهِ مَا فِى * السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ