@ 8 @ حجه واعتمره وطاف به وعكف عنده . وقال القفال : يجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله : ( يحيي إليه ثمرات كل شيء ) . وقيل : بركتُهُ دوام العبادة فيه ولزومها ، لأنّ البركة لها معنيان : أحدهما : النمو ، والآخر : الثبوت ، ومنه البركة لثبوت الماء فيها . والبرك الصدر لثبوت الحفظ فيه ، والبراكاء الثبوت في القتال ، وتبارك الله ثبت ولم يزل . وقيل : بركته تضعيف الثواب فيه . روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ( من طاف بالبيت لم يرفع قدماً ولم يضع أخرى إلا كتب الله بها له حسنة ورفع له بها درجة ) . وقال الفراء : سمي مباركاً لأنه مغفرة للذنوب . وقال ابن جرير : بركته تطهيره من الذنوب . وقيل : بركته أنَّ مَن دخله أمن حتى الوحش ، فيجتمع فيه الظبي والكلب . وأما كونه هدى فلأنه لما كان مقوماً مصلحاً كان فيه إرشاد . وبولغ بكونه هدىً ، أو هو على حذف مضاف أي : وذا هدى . قيل : ومعنى هدى أي قبلة . وقيل : رحمة . وقيل : صلاح . وقيل : بيان ودلالة على الله بما فيه من الآيات التي لا يقدر عليها غيره تعالى . وقال ابن عطية : يحتمل هنا هدى أن يكون بمعنى الدعاء ، أي من حيث دعى العالمون إليه ، وانتصاب مباركاً على الحال . وجوزوا أنْ يكون حالاً من الضمير الذي استكن في وضع ، والعامل فيها وضع أي أنَّ أول بيت مباركاً ، أي في هذه الحال للذي ببكة . وهذا التقدير ليس بجائز ، لأنك فصلت بين العامل في الحال وبين الحال بأجنبي وهو : الخبر ، لأنه معمول لأنَّ خبر لها ، فإنْ أضمرت وضع بعد الخبر أمكن أن يعمل في الحال ، وكان تقديره : للذي ببكة وضع مباركاً . وعلى هذا التقدير ينبغي أن يحمل تفسير علي بن أبي طالب السابق ذكره عند ذكر كون هذا البيت أولاً ، إذ كان قد لاحظ في هذا البيت كونه وضع أولاً بقيد هذه الحال . .
وجوزوا أيضاً أن يكون العامل في الحال العامل في ببكة ، أي استقر ببكة في حال بركته . وهو وجه ظاهر الجواز ، ولم يذكر الزمخشري غيره . وأما هدى فظاهره أنه معطوف على مباركاً ، والمعطوف على الحال حال . وجوَّز بعضهم أنْ يكون مرفوعاً على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي وهو هدى ، ولا حاجة إلى تكلف هذا الإضمار . .
{ فِيهِ ءايَاتٌ بَيّنَاتٌ } أي علامات واضحات منها : مقام إبراهيم ، والحجر الذي قام عليه ، والحجر الأسود وهو : من حجارة الكعبة ، وهو يمين الله في الأرض يشهد لمن مسه . والحطيم ، وزمزم ، وأمن الخائف وهيبته وتعظيمه في قلوب الناس ، وأمر الفيل ، ورمى طير الله عنه بحجارة السجيل ، وكف الجبابرة عنه على وجه الدهر ، وإذعان نفوس العرب لتوفير هذه البقعة دون ناهٍ ولا زاجر ، وجباية الأرزاق إليه ، وهو ( بواد غير ذي زرع ) وحمايته من السيول . ودلالةُ عموم المطر إياه من جميع جوانبه على خصب آفاق الأرض ، فإنْ كان المطر من جانب أخصب الأفق الذي يليه . وذكر مكي وغيره : أنّ من آياته كون الطير لا يعلوم عليه . قال ابن عطية : وهذا ضعيف ، والطير يعاين يعلوه ، وقد علته العقاب التي أخذت الحية المشرفة على جداره ، وتلك كانت من آياته انتهى . وأي عبد علا عليه عتق . وتعجيلُ العقوبة لمن عتا فيه ، وإجابة دعاء من دعا تحت الميزاب ، ومضاعفة أجر المصلي ، وغير ذلك من الآيات . وقوله : فيه آيات بينات ، الضمير في فيه عائد على البيت ، فينبغي أن لا يذكر من الآيات إلا ما كان في البيت . لكنهم توسعوا في الظرفية ، إذ لا يمكن حملها على الحقيقة لأنه كان يلزم أن الآيات تكون داخل الجدران . ووجهُ التوسع أنّ البيت وضع بحرمه وجميع فضائله ، فهي فيه على سبيل المجاز . ولذلك عدَّ المفسرون آياتٍ في الحرم وأشياء مما التزمت في شريعتنا من : تحريم قطع شجره