قوله D : 50 - { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن } أي : مهورهن { وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك } رد عليك من الكفار بأن تسبي فتملك مثل صفية وجويرية وقد كانت مارية مما ملكت يمينه فولدت له إبراهيم { وبنات عمك وبنات عماتك } يعني : نساء قريش { وبنات خالك وبنات خالاتك } يعني : نساء بني زهرة { اللاتي هاجرن معك } إلى المدينة فمن لم تهاجر منهن معه لم يجز له نكاحها .
وروى أبو صالح عن أم هانئ أن رسول الله A لما فتح مكة خطبني فأنزل الله هذه الآية فلم أحل له لأني لم كن من المهاجرات وكنت من الطلقاء ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل .
{ وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } أي أحللنا لك امرأة مؤمنة وهبت نفسها لك بغير صداق فأما غير المؤمنة فلا تحل له إذا وهبت نفسها منه .
واختلفوا في أنه هل كان يحل للنبي A نكاح اليهودية والنصرانية بالمهر ؟ .
فذهب جماعة إلى أنه كان لا يحل له ذلك لقوله : { وامرأة مؤمنة } وأول بعضهم الهجرة في قوله : { اللاتي هاجرن معك } على الإسلام أي : أسلمن معك فيدل ذلك على أنه لا يحل له نكاح غير المسلمة وكان النكاح ينعقد في حقه بمعنى الهبة من غير ولي ولا شهود ولا مهر وكان ذلك من خصائصه A في النكاح لقوله تعالى : { خالصة لك من دون المؤمنين } كالزيادة على الأربع ووجوب تخيير النساء كان من خصائصه ولا مشاركة لأحد معه فيه .
واختلف أهل العلم في انعقاد النكاح بلفظ الهبة في حق الأمة ؟ فذهب أكثرهم إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح والتزويج وهو قول سعيد بن المسيب والزهري ومجاهد وعطاء وبه قال ربيعة ومالك والشافعي .
وذهب قوم إلى أنه ينعقد بلفظ الهبة والتمليك وهو قول إبراهيم النخعي وأهل الكوفة .
ومن قال لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج اختلفوا في نكاح النبي A : فذهب قوم إلى أنه كان ينعقد بلفظ الهبة لقوله تعالى : { خالصة لك من دون المؤمنين } .
وذهب آخرون إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ النكاح أو التزويج كما في حق الأمة لقوله D : { إن أراد النبي أن يستنكحها } وكان اختصاصه A في ترك المهر لا في لفظ النكاح .
واختلفوا في التي وهبت نفسها لرسول الله A وهل كانت عنده امرأة منهن ؟ .
فقال عبد الله بن عباس ومجاهد : لم يكن عند النبي A امرأة وهبت نفسها منه ولم يكن عنده امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين وقوله : { إن وهبت نفسها } على طريق الشرط والجزاء .
وقال آخرون : بل كانت عنده موهوبة واختلفوا فيها فقال الشعبي : هي زينب بنت خزيمة الهلالية يقال لها : أم المساكين .
وقال قتادة : هي ميمونة بنت الحارث .
وقال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل : هي أم شريك بنت جابر من بني أسد .
وقال عروة بن الزبير : هي خولة بنت حكيم من بني سليم .
قوله D : { قد علمنا ما فرضنا عليهم } أي : أوجبنا على المؤمنين { في أزواجهم } من الأحكام أن لا يتزوجوا أكثر من أربع ولا يتزوجوا إلا بولي وشهود ومهر { وما ملكت أيمانهم } أي : ما أوجبنا من الأحكام في ملك اليمين { لكيلا يكون عليك حرج } وهذا يرجع إلى أول الآية أي : أحللنا لك أزواجك وما ملكت يمينك والموهوبة لك لكي لا يكون عليك حرج وضيق .
{ وكان الله غفورا رحيما }