ولا تقولن : إن معرفة قوانين البلاغة كافية في ذلك لأنا نقول : قوانين البلاغة إنما هي : قواعد علمية قياسية تفيد جواز استعمال التراكيب على هيئاتها الخاصة بالقياس وهو قياس علمي صحيح مطرد كما هو قياس القوانين الإعرابية .
وهذه الأساليب التي نحن نقررها ليست من القياس في شيء إنما هي هيئة ترسخ في النفس من ( 1 / 295 ) تتبع التراكيب في شعر العرب لجريانها على اللسان حتى تستحكم صورتها فيستفيد بها العمل على مثالها والاحتذاء بها في كل تركيب من الشعر - كما قدمنا ذلك في الكلام بإطلاق - وإن القوانين العلمية من العربية والبيان لا يفيد تعليمه بوجه وليس كل ما يصح في قياس كلام العرب وقوانينه العلمية استعملوه وإنما المستعمل عندهم من ذلك أنحاء معروفة يطلع عليها الحافظون لكلامهم تندرج صورتها تحت تلك القوانين القياسية فإذا نظر في شعر العرب على هذا النحو وبهذه الأساليب الذهنية التي تصير كالقوالب كان نظرا في المستعمل من تراكيبهم لا فيما يقتضيه القياس