الخامس : أن لا يرى لنفسه حقا وأن لا يعتريه عجب وكبر لأنه محل الضعف والزلل والخطأ وكم مثله من العلماء وكم وأي رتبة قد بلغ إليها . فإنه إذا نظر في أبناء كل زمان وأبناء زمانه نظر وإذا فيهم من لا يبلغ قدره ولا ينال من الحظ والمعرفة ماله . بل إذا نظر إلى من هو أحقر منه يجد عنده من الفوائد ما لم يكن عنده ولم يبلغ رتبة الكمال من الخلق فرد ولو بلغ إلى النهاية القصوى ففوقه من هو أعلى منه رتبة وأرفع منه كعبا . على أنه إذا تفكر في أمر علم أنه لا يحسن منه ذلك وهو أنه اشترك هو وجميع النوع الإنساني في الماهية وفي سائر الصفات ومنحه الله سبحانه وفتح عليه بالمعرفة مع أنه هو والعامي والجاهل سواء . فهل يكون ذلك داعيا لأن ينظر لنفسه حقا وأن يفتخر ويعتريه العجب وهل تقابل تلك المنحة بهذا