قلت : وهكذا كان حال السلف فقد روينا عن ابن خزيمة أنه قال : ليس لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول إذا صح الخبر .
وكان الحافظ ابن المنذر : مجتهدا لا يقلد أحدا .
وكان ابن عبد البر : صاحب اتباع وسنة .
وكان ابن وهب الفهري : حافظا مجتهدا لا يقلد أحدا .
وكذا : بقي بن مخلد القرطبي : المفسر المحدث كان لا يقلد أحدا تعصبوا عليه لإنكاره مذهب أهل العصر فدفعهم عنه أمير الأندلس : محمد بن عبد الرحمن المرواني واستنسخ كتبه وقال لبقي : انشر علمك .
وروي عن بقي أنه قال : لقد غرست للمسلمين غرسا بالأندلس لا يقلع إلا بخروج الدجال .
وهكذا كان : قاسم بن محمد بن سيار : إماما مجتهدا لا يقلد أحدا وكان مذهبه النظر والحجة ولم يكن بالأندلس مثله في حسن النظر مات سنة 376 ، إلى غير هؤلاء ممن لا يحصى كثرة ولا يستقصى عددا .
ولذا قال المحققون : إن التقليد والمقلدة ليسا من العلم والعلماء في صدر ولا ورد ولا يطلق اسم العلم والعالم عليهما .
وإنما حدث التقليد حين ضعف العلم وتمسك به الجهال والعوام وعمت به البلوى على ممر الدهور في الأنام . ( 3 / 160 )