اعلم أن فائدة التخاطب لما لم تتبين إلا بالألفاظ وأحوالها وكان ضبط أحوالها مما اعتنى العلماء كان ضبط أحوال ما يدل على الألفاظ أيضا ما يعتني بشأنه وهو الخطوط والنقوش الدالة على الألفاظ .
فبحثوا عن أحوال الكتابة الثابتة نقوشها على وجه كل زمان وحركاتها وسكناتها ونقطها وشكلها وضوابطها من شداتها ( 2 / 265 ) ومداتها وعن تركيبها وتسطيرها لينتقل منها الناظرون إلى الألفاظ والحروف ومنها إلى المعاني الحاصلة في الأذهان .
فصل في كيفية وضعه وأنواعه .
قيل : أول من وضع الخط آدم عليه السلام كتبه في طين وطبخه ليبقى بعد الطوفان .
وقيل : إدريس وعن ابن عباس أن أول من وضع الخط العربي ثلاثة رجال من بولان قبيلة من طي نزلوا مدينة الأنبار فأولهم : مراز وضع الصور وثانيهم : أسلم وصل وفصل وثالثهم : عامر وضع الأعجام ثم انتشر .
وقيل : أول من اخترعه ستة أشخاص من طلسم أسماؤهم : أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت فوضعوا الكتابة والخط وما شذ من أسمائهم من الحروف وألحقوها ويروى : أنها أسماء ملوك مدين .
وفي السيرة لابن هاشم : أن أول من كتب الخط العربي حمير بن سبأ .
قال السهيلي في ( ( التعريف والأعلام ) ) والأصح ما رويناه من طريق ابن عبد البر يرفعه إلى النبي - A - قال : أول من كتب بالعربية إسماعيل عليه السلام .
قال أبو الخير : واعلم أن جميع كتابات الأمم اثنتا عشرة كتابة : بالعربية والحميرية واليونانية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية والقبطية والبرية والأندلسية والهندية والصينية .
فخمس منها اضمحلت وذهب من يعرفها وهي : الحميرية واليونانية والقبطية والأندلسية والبريرية .
وثلاثة بقي استعمالها في بلادها وعدم من يعرفها في بلاد الإسلام وهي : الرومية والهندية والصينية .
وبقيت أربع هي المستعملات في بلاد الإسلام هي : العربية والفارسية والسريانية والعبرانية ( 2 / 266 )