ثم اعلم أن محل العلم الحادث سواء كان متعلقا بالكليات أو بالجزئيات عند أهل الحق غير متعين عقلا بل يجوز عندهم عقلا أن يخلقه الله تعالى في أي جوهر أراد من جواهر البدن لكن السمع دل على أنه القلب قال الله تعالى : ( فتكون لهم قلوب يعقلون بها ) وقال : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) ( 1 / 15 ) .
هذا وقال الحكماء : محل العلم الحادث النفس الناطقة أو المشاعر العشر الظاهرة والباطنة .
وقد اختلف المتكلمون في بقاء العلم والعقل بعد الموت في الجنة .
فالأشاعرة قضوا باستحالة بقائهما كسائر الأعراض عندهم . وأما المعتزلة فقد أجمعوا على بقاء العلوم الضرورية والمكتسبة التي لا يتعلق بها التكليف .
واختلفوا في العلوم المكتسبة المكلف بها فقال الجبائي : إنها ليست باقية وإلا لزم أن لا يكون المكلف بها حال بقائها مطيعا ولا عاصيا ولا مثابا ولا معاقبا مع تحقق التكليف وهو باطل بناء على أن لزوم الثواب أو العقاب على من كلف به . وخالفه أبو هاشم في ذلك وأوجب بقاء العلوم مطلقا