ثم اعلم أن أول من صنف في أصول الفقه الإمام الشافعي ذكره الإسنوي في ( ( التمهيد ) ) وحكى الإجماع فيه وهو شيخ المحدثين والفقهاء .
والكتب المصنفة فيه كثيرة معروفة وأحسنها ترتيبا وأكملها تحقيقا وتهذيبا ( 2 / 73 ) وأبلغها قبولا وأعدلها إنصافا كتاب : ( ( إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ) ) لقاضي القضاة شيخنا محمد بن علي الشوكاني اليمني المتوفى في سنة خمس وخمسين ومائتين وألف وقد لخصنا كتابه هذا وسميناه : ( ( بحصول المأمول من علم الأصول ) ) وهو نفيس جدا فإن كنت ممن يبغي تحقيق الحق على جانب من التقليد والعصبية لآراء الرجال ويعرف هذا العلم على ما فيه من القيل والقال فارجع إليهما تجدهما ديباجة الدنيا ومكرمة الدهر ونكتة عطارد التي يفتخر بها الفخر .
مذاهب شتى للمحبين في الهوى ... ولي مذهب واحد أعيش به وحدي .
وكم من رأي في الدين للشريعة محرف ولهم عن جماعة السنة المطهرة محرف ( ( فاعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ) .
وقال في : ( ( مدينة العلوم ) ) : ومن الكتب القديمة المصنفة في هذا العلم كتاب الجصاص أحمد بن علي أبي بكر الرازي وكتاب : ( ( الأسرار ) ) وكتاب : ( ( تقويم الأدلة ) ) للإمام زيد الدبوسي - قرية بين بخارا وسمرقند - المتوفى سنة 402 .
ومنها : ( ( أصول فخر الإسلام ) ) للبزدوي ولكتابه شروح كثيرة أشهرها : ( ( الكشف ) ) لعبد العزيز بن أحمد البخاري .
ومنها : ( ( أصول شمس الأئمة السرخسي ) ) .
وإحكام الأحكام ) ) للآمدي .
و : ( ( منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل ) ) ومختصر هذين كلاهما لابن الحاجب وشروحه تزيد على عشرة .
وكتاب : ( ( القواعد والبديع ) ) لابن الساعاتي البعلبكي .
ومنها : ( ( المنار ) ) للنسفي وله شروح .
ومنها : ( ( المغني ) ) للخبازي وشرحه لسراج الدين الهندي قاضي الحنفية بالقاهرة .
وكتاب : ( ( المنتخب للأخسيكثي ) ) و : ( ( التحصيل ) ) للابي وردي و : ( ( المحصول ) ) للفخر الرازي و : ( ( التنقيح ) ) وشرحه : ( ( التوضيح لصدر الشريعة والتلويح على شرح التنقيح ) ) . ( 2 / 74 ) للسعد التفتازاني و : ( ( فصول البدائع في الأصول الشرائع ) ) لشمس الدين الفتازاي و : ( ( منهاج الوصول إلى علم الأصول ) ) للقاضي البيضاوي على مذهب الشافعي وله شروح .
ومنها : ( ( مرقاة الوصول إلى علم الأصول ) ) وغير ذلك . انتهى حاصل كلامه .
قلت : ومنها : ( ( جمع الجوامع ) ) لتاج الدين السبكي وله شروح قد طبع بمصر القاهرة في هذا الزمان وأحسن كتب هذا العلم كتاب شيخنا الشوكاني الذي تقدم ذكره فاشدد يديك عليه تهتدي إلى جادة الحق .
فصل : قال قاضي القضاة مؤيد الدين عبد الرحمن بن خلدون - C - تعالى - في كتاب : ( ( العبر وديوان المبتدأ والخبر ) ) ما نصه : .
اعلم : أن أصول الفقه من أعظم العلوم الشرعية من حيث تؤخذ منها : الأحكام والتكاليف وأصول الأدلة الشرعية هي : الكتاب - الذي هو القرآن - ثم السنة المبينة له فعلى عمل النبي - A - كانت الأحكام تتلقى منه ما يوحى إليه من القرآن ويبينه بقوله وفعله بخطاب شفاهي لا يحتاج إلى نقل ولا إلى نظر وقياس ومن بعده - A - تعذر الخطاب الشفاهي وانحفظ القرآن بالتواتر .
وأما السنة : فأجمع الصحابة - رضوان الله عليهم - على وجوب العمل بما يصل إلينا منها : قولا وفعلا بالنقل الصحيح الذي يغلب على الظن صدقه وتعينت دلالة الشرع في الكتاب والسنة بهذا الاعتبار ثم ينزل الإجماع منزلتها إلا إجماع الصحابة على النكير على مخالفيهم ولا يكون ذلك إلا عن مستند لأن مثلهم لا يتفقون من غير دليل ثابت مع الشهادة الدالة بعصمة الجماعة فصار الإجماع دليلا ثابتا في الشرعيات